الصلاة، {وَإِنَّهَا} أي: الصلاة، {لَكَبِيرَةٌ} أي: شاقةٌ (١)، {إِلَّا عَلَى الْخَاشِعِينَ (٤٥)} أي: الساكنين الخاضعين لربهم، وللمفسرين من السلف في تفسير الخاشعين عباراتٌ مختلفةٌ في اللفظ مُتَّفقةٌ في المعنى؛ كقول بعضهم:«المتواضعين»(٢)، وقول بعضهم:«الخاضعين»(٣).
وقوله تعالى: {الَّذِينَ يَظُنُّونَ أَنَّهُمْ مُلَاقُو رَبِّهِمْ وَأَنَّهُمْ إِلَيْهِ رَاجِعُونَ (٤٦)}: معنى {يَظُنُّونَ}: يعلمون ويُوقنون كما قال المؤلِّف، والظنُّ يأتي بمعنى العلم، ومنه قوله تعالى: {إِنِّي ظَنَنْتُ أَنِّي مُلَاقٍ حِسَابِيَهْ (٢٠)} [الحاقة: ٢٠]، ويأتي بمعنى الشك (٤)، واعتبر ذلك ابنُ جرير من قَبيل المشترك اللفظي، فالعربُ تُطلِقُ الظنَّ على اليقين والشك، كما تُطلِق على الظلمة: سدفة، وعلى الضياء: سدفة (٥).
وقوله:{أَنَّهُمْ مُلَاقُو رَبِّهِمْ}: يعني يوم القيامة إذا بُعثوا. وقوله: {وَأَنَّهُمْ إِلَيْهِ رَاجِعُونَ (٤٦)} أي: ويعلمون أنهم إلى ربهم راجعون، فَيُنبئهم بأعمالهم، ويجزيهم عليها.
{يَا بَنِي إسْرَائِيلَ} أولاد يعقوب {اُذْكُرُوا نِعْمَتِي الَّتِي أَنْعَمْت عَلَيْكُمْ} أي: على آبائكم من الإنجاء من فرعونَ، وفلقِ البحرِ، وتظليلِ الغمامِ، وغير ذلك؛ بأن تشكروها بطاعتي {وَأَوْفُوا بِعَهْدِي} الذي عهدته إليكم من الإيمان بمحمَّدٍ {أُوفِ بِعَهْدِكُمْ} الذي عهدته إليكم من الثواب عليه بدخول الجنة {وَإِيَّايَ فَارْهَبُونِ} خافون في ترك الوفاء به دون غيري
(١) ينظر: «المفردات» للراغب (ص ٦٩٦)، و «نزهة الأعين النواظر» (ص ٥٢٠). (٢) قاله مقاتل بن حيان كما أخرجه ابن أبي حاتم في التفسير (١/ ١٠٣ رقم ٤٩٢). (٣) قاله الضحاك. ينظر: «تفسير ابن كثير» (١/ ٢٥٣). وقال الطبري (١/ ٦٢٢ - ٦٢٣): «الخاضعين لطاعته، الخائفين سطواته، المصدقين بوعده ووعيده»، وقال: «وأصل الخشوع: التواضع والتذلل والاستكانة». (٤) ينظر: «نزهة الأعين النواظر» (ص ٤٢٥). (٥) ينظر: «تفسير الطبري» (١/ ٦٢٣ - ٦٢٤).