مَسَائِلُ عَلَى الحَدِيثِ:
- المَسْأَلَةُ الأُولَى: إِذَا كَانَ أَحَدُهُم قَارِئًا وَالآخَرُونَ مُسْتَمِعِينَ؛ هَلْ لِلمُسْتَمِعِ الثَّوَابُ أَيضًا؟
الجَوَابُ: نَعَم، وَدَلَّ لِذَلِكَ أُمُورٌ:
١ - أَنَّهُ يُشْرَعُ لِلمُسْتَمِعِ لِقِرَاءَةِ القَارِئِ إِذَا سَجَدَ القَارِئُ أَنْ يَسْجُدَ أَيضًا مَعَهُ.
عَنِ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا؛ قَالَ: " كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ يَقْرَأُ عَلَينَا السُّورَةَ فِيهَا السَّجْدَةُ؛ فَيَسْجُدُ وَنَسْجُدُ حَتَّى مَا يَجِدُ أَحَدُنَا مَوضِعَ جَبْهَتِهِ" (١).
٢ - أَنَّ اللهَ تَعَالَى أَخْبَرَ بِزِيَادَةِ الإِيمَانِ لِمُسْتَمِعِ القُرْآنِ، قَالَ تَعَالَى: {وَإِذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آيَاتُهُ زَادَتْهُمْ إِيمَانًا} [الأَنْفَال: ٢].
٣ - فِي قِصَّةِ مُوسَى وَهَارُونَ -عَلَيهِمَا الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ- جَاءَ قَولُهُ تَعَالَى: {قَالَ قَدْ أُجِيبَتْ دَعْوَتُكُمَا} [يُونُس: ٨٩] مَعَ أَنَّ الدَّاعيَ هُوَ مُوسَى عَلَيهِ السَّلَامُ وَحْدَهُ! وَلَكِنْ لَمَّا كَانَ هَارُونُ عَلَيهِ السَّلَامُ يُؤَمِّنُ عَلَى دُعَائِهِ كَانَ دَاعِيًا مِثْلَهُ.
قَالَ الإِمَامُ الطَّبَرِيُّ رَحِمَهُ اللهُ عِنْدَ قَولِهِ تَعَالَى: {وَقَالَ مُوسَى رَبَّنَا إِنَّكَ آتَيتَ فِرْعَونَ وَمَلَأَهُ زِينَةً وَأَمْوَالًا فِي الحَيَاةِ الدُّنْيَا رَبَّنَا لِيُضِلُّوا عَنْ سَبِيلِكَ رَبَّنَا اطْمِسْ عَلَى أَمْوَالِهِمْ وَاشْدُدْ عَلَى قُلُوبِهِمْ فَلَا يُؤْمِنُوا حَتَّى يَرَوُا العَذَابَ الأَلِيمَ * قَالَ قَدْ أُجِيبَتْ دَعْوَتُكُمَا} [يُونُس: ٨٨، ٨٩]: " فإنْ قَالَ قَائِلٌ: وكَيفَ نُسِبَتِ الإِجَابَةُ إِلَى اثْنَين وَالدُّعَاءُ إِنَّمَا كَانَ مِنْ وَاحِدٍ؟! قِيلَ: إِنَّ الدَّاعِيَ وَإِنْ كَانَ وَاحِدًا؛ فَإِنَّ الثَّانِيَ كَانَ مُؤَمِّنًا وَهُوَ هَارُونُ؛ فَلِذَلِكَ نُسِبَتِ الإِجَابَةُ إِلَيهِمَا؛ لِأَنَّ المُؤَمِّنَ دَاعٍ" (٢).
(١) البُخَارِيُّ (١٠٧٥)، وَمُسْلِمٌ (٥٧٥).(٢) تَفْسِيرُ الطَّبَرِيِّ (١٥/ ١٨٥).
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://mail.shamela.ws/page/contribute