يَمِينُهُ»، قَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ؛ إِنَّ الرَّجُلَ فَاجِرٌ؛ لَا يُبَالِي عَلَى مَا حَلَفَ عَلَيهِ، وَلَيسَ يَتَوَرَّعُ مِنْ شَيءٍ! فَقَالَ: لَيسَ لَكَ مِنْهُ إِلَّا ذَلِكَ، فَانْطَلَقَ لِيَحْلِفَ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ لَمَّا أَدْبَرَ: «أَمَا لَئِنْ حَلَفَ عَلَى مَالٍ لِيَاكُلَهُ ظُلْمًا؛ لَيَلْقَيَنَّ اللهَ وَهُوَ عَنْهُ مُعْرِضٌ» (١).
- هَذَا الحَدِيثُ أَصْلٌ عَظِيمٌ فِي القَضَاءِ، وَقَاعِدَةٌ يَنْتَفِعُ بِهَا القَاضِي، وَيَنْتَفِعُ بِهَا المُصْلِحُ بَينَ اثْنَينِ، وَمَا إِلَى ذَلِكَ.
وَفِي قَولِهِ تَعَالَى عَنْ دَاوُد عَلَيهِ السَّلَامُ: {وَآتَينَاهُ الحِكْمَةَ وَفَصْلَ الخِطَابِ}
[ص: ٢٠]؛ قَالَ قَتَادَةُ: (فَصْلُ الخِطَابِ): " البَيِّنَةُ عَلَى الطَّالِبِ، وَاليَمِينُ عَلَى المَطْلُوبِ" (٢).
وَقَالَ ابْنُ المُنْذِرِ رَحِمَهُ اللهُ: " أَجْمَعَ أَهْلُ العِلْمِ عَلَى أَنَّ البَيِّنَةَ عَلَى المُدَّعِي، وَاليَمِينَ عَلَى المُدَّعَى عَلَيهِ" (٣).
- حِكْمَةُ الحَدِيثِ: أَنَّ الأَحْكَامَ بَينَ النَّاسِ لَو كَانَتْ مَبْنِيَّةً عَلَى مُجَرَّدِ الدَّعْوَى؛ فَإِنَّهُ سَيَاتِي مَنْ يَدَّعِي مَالَ غَيرِهِ -بَلْ وَدَمَهُ أَيضًا-، وَسَتَضِيعُ الحُقُوقُ، وَتُرَاقُ الدِّمَاءُ بِغَيرِ حَقٍّ!
- فِي التَّفْرِيقِ بَينَ المُدَّعِي وَبَينَ المُدَّعَى عَلَيهِ: المُدَّعِي مَنْ إِذَا سَكَتَ تُرِكَ، وَالمُدَّعَى عَلَيهِ مَنْ إِذَا سَكَتَ لَمْ يُتْرَكْ، وَقِيلَ: المُدَّعِي هُوَ مَنْ يُخَالِفُ قَولُهُ الظَّاهِرَ.
- قَولُهُ: «البَيِّنَةُ عَلَى المُدَّعِي»: البَيِّنَةُ: هِيَ اسْمٌ لِكُلِّ مَا يُظهِرُ الحَقَّ وَيُبَيِّنُهُ.
(١) صَحِيحُ مُسْلِمٍ (١٣٩)(٢) تَفْسِيرُ الطَّبَرِيِّ (٢١/ ١٧٣).(٣) الإِجْمَاعُ (ص: ٦٥).
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://mail.shamela.ws/page/contribute