وَكَقَولِهِ تَعَالَى: {وَنَزَعْنَا مَا فِي صُدُورِهِمْ مِنْ غِلٍّ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهِمُ الأَنْهَارُ وَقَالُوا الحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي هَدَانَا لِهَذَا وَمَا كُنَّا لِنَهْتَدِيَ لَولَا أَنْ هَدَانَا اللهُ} [الأَعْرَاف: ٤٣].
وِهِدَايَةُ أَهْلِ النَّارِ إِلَى دُخُولِ النَّارِ هِيَ فِي قَولِهِ تَعَالَى: {فَاهْدُوهُمْ إِلَى صِرَاطِ الْجَحِيمِ * وَقِفُوهُمْ إِنَّهُمْ مَسْئُولُونَ} [الصَّافَّات: ٢٣، ٢٤] (١).
وَيُتَنَبَّهُ أَيضًا إِلَى نَوْعٍ آخَرَ مِنَ الهِدَايَةِ -يُقَابِلُ الهِدَايَةَ المَعْنَوِيَّةَ- وَهُوَ الهِدَايَةُ الحِسِّيَّةُ، كَمَا فِي قَوْلِه تَعَالَى: {كَلَّا إِنَّ مَعِيَ رَبِّي سَيَهْدِينِ} [الشُّعَرَاء: ٦٢]؛ " فِي هَذَا دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ اللهَ سُبْحَانَه وَتَعَالَى كَمَا يَهْدِي إِلَى الطَّرِيقِ المَعْنَوِيِّ يَهْدِي أَيضًا إِلَى الطَّرِيقِ الحِسِّيِّ؛ لِقَولِهِ: {كَلَّا إِنَّ مَعِيَ رَبِّي سَيَهْدِينِ}، وَلَيسَ المُرَادُ هُنَا هِدَايَةُ العِلْمِ وَالتَّوْفِيقِ لِلْعَمَلِ الصَّالِحِ! وَإِنَّمَا المُرَادُ بِالهِدَايَةِ لِطَرِيقِ النَّجَاةِ الَّتِي يَنْجُو بِهَا؛ فَهَدَاهُ اللهُ سُبْحَانَه وَتَعَالَى" (٢).
وَكَقَولِهِ تَعَالَى عَنْ مُوسَى عَلَيهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ: {وَلَمَّا تَوَجَّهَ تِلْقَاءَ مَدْيَنَ قَالَ عَسَى رَبِّي أَنْ يَهْدِيَنِي سَوَاءَ السَّبِيلِ} [القَصَص: ٢٢] " يَقُولُ: عَسَى رَبِّي أَنْ يُبَيِّنَ لِي قَصْدَ السَّبِيلِ إِلَى مَدْيَنَ، وَإِنَّمَا قَالَ ذَلِكَ لِأَنَّهُ لَمْ يَكُنْ يَعْرِفُ الطَّرِيقَ إِلَيهَا" (٣).
(١) يُنْظَرُ: (بَصَائِرُ ذَوِي التَّمْيِيزِ) لِلفَيرُوزآبَادِي (٥/ ٣١٣)، (فَتْحُ البَارِي) لِابْنِ حَجَرٍ (١١/ ٥١٥).(٢) يُنْظَرُ: تَفْسِيرُ ابْنِ عُثَيمِين لِسُورَةِ الشُّعَرَاءِ (ص: ١٣٤).(٣) تَفْسِيرُ الطَّبَرِيِّ (١٩/ ٥٤٩).
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://mail.shamela.ws/page/contribute