- فِي الصَّحِيحينِ قِصَّةُ تَحَاوُرِ أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا فِي مَانِعِي الزَّكَاةِ، وَهُوَ أَنَّ أَبَا هُرَيرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ؛ قَالَ: لَمَّا تُوُفِّيَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ؛ وَكَانَ أَبُو بَكْرٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، وَكَفَرَ مَنْ كَفَرَ مِنَ العَرَبِ؛ فَقَالَ عُمَرُ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ: " كَيفَ تُقَاتِلُ النَّاسَ؛ وَقَدْ قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ: «أُمِرْتُ أَنْ أُقَاتِلَ النَّاسَ حَتَّى يَقُولُوا: لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ؛ فَمَنْ قَالَهَا فَقَدْ عَصَمَ مِنِّي مَالَهُ وَنَفْسَهُ إِلَّا بِحَقِّهِ وَحِسَابُهُ عَلَى اللهِ؟!» قَالَ أَبُو بَكْرٍ: وَاللَّهِ لَأُقَاتِلَنَّ مَنْ فَرَّقَ بَينَ الصَّلَاةِ وَالزَّكَاةِ، فَإِنَّ الزَّكَاةَ حَقُّ المَالِ، وَاللَّهِ لَو مَنَعُونِي عَنَاقًا (١) كَانُوا يُؤَدُّونَهَا إِلَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ لَقَاتَلْتُهُمْ عَلَى مَنْعِهَا. قَالَ عُمَرُ: فَوَ اللهِ مَا هُوَ إِلَّا أَنْ رَأَيتُ أَنْ قَدْ شَرَحَ اللهُ صَدْرَ أَبِي بَكْرٍ لِلْقِتَالِ؛ فَعَرَفْتُ أَنَّهُ الحَقُّ" (٢) (٣).
- إِنَّ مَانِعِي الزَّكَاةِ هُؤُلَاءِ -عَلَى سَبِيلِ الإِجْمَالِ- لَيسُوا مُرْتَدِّينَ! بَلْ هُمْ بِمَنْزِلَةِ البُغَاةِ الَّذِينَ يُقَاتَلُونَ حَتَّى يَرْجِعُوا عَنْ بَغْيِهِم.
قَالَ النَّوَوِيُّ رَحِمَهُ اللهُ فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ: " قَالَ الخَطَّابِيُّ رَحِمَهُ اللهُ: مِمَّا يَجِبُ تَقْدِيمُهُ فِي هَذَا أَنْ يُعْلَمَ أَنَّ أَهْلَ الرِّدَّةِ كَانُوا صِنْفَينِ:
١ - صِنْفٌ ارْتَدُّوا عَنْ الدِّينِ، وَنَابَذُوا المِلَّةَ، وَعَادُوا إِلَى الكُفْرِ، وَهُمُ الَّذِينَ عَنَاهُمْ أَبُو هُرَيرَة بِقَولِهِ: " وَكَفَرَ مَنْ كَفَرَ مِنَ العَرَبِ".
(١) (العَنَاقُ): هُوَ الصَّغِيرُ مِنْ وَلَدِ المَعْزِ، وَفِي رِوَايَةٍ (عِقَالًا).(٢) البُخَارِيُّ (٦٩٢٥)، وَمُسْلِمٌ (٢٠).(٣) قَالَ الحَافِظُ ابْنُ حَجَرٍ رَحِمَهُ اللهُ: "وَفِي القِصَّةِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ السُّنَّةَ قَدْ تَخْفَى عَلَى بَعْضِ أَكَابِرِ الصَّحَابَةِ؛ وَيَطَّلِعَ عَلَيهَا آحَادُهُم! وَلِهَذَا لَا يُلْتَفَتُ إِلَى الآرَاءِ -وَلَو قَوِيَتْ- مَعَ وُجُودِ سُنَّةٍ تُخَالِفُهَا، وَلَا يُقَالُ: كَيفَ خَفِيَ ذَا عَلَى فُلَان! وَاللهُ المُوَفِّقُ". فَتْحُ البَارِي (١/ ٧٦).
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://mail.shamela.ws/page/contribute