قال ابن قدامة رحمه الله:«وجملته أن من السنة أن يجافي عضديه عن جنبيه، وبطنه عن فخذيه إذا سجد؛ لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يفعل ذلك في سجوده»(١).
وقد استدلوا على هذه السنة المتفق عليها بما يلي:
الدليل الأول:
(ح-١٨٦٦) بما رواه أحمد، قال: حدثنا هاشم بن القاسم، حدثنا شعبة، عن عاصم بن كليب، قال: سمعت أبي يحدث،
عن وائل الحضرمي أنه رأى النبي - صلى الله عليه وسلم - صلى فكبر، فرفع يديه، فلما ركع رفع يديه، فلما رفع رأسه من الركوع رفع يديه، وخوَّى في ركوعه، وخوَّى في سجوده .... الحديث (٢).
[حسن](٣).
وقوله:(وخوَّى في سجوده)، قال الجوهري في الصحاح:«خَوَّى البعير تَخْوِيَةً: إذا جافى بطنه عن الأرض في بروكه، وكذلك الرجل في سجوده، والطائر إذا أرسل جناحيه»(٤).
وقال في أساس البلاغة:«خوى الرجل في سجوده ... وهو أن يبقى بينه وبين الأرض خواء ... »(٥).
وقال ابن الأثير في النهاية:«أي جافى بطنه عن الأرض ورفعها، وجافى عضديه عن جنبيه، حتى يخوى ما بين ذلك»(٦).
فهنا أطلق قوله:(وخوَّى) ليشمل مجافاة البطن عن الفخذ، ومجافاة العضد عن الجنب، ليجعل بينه وبين الأرض خواء: أي هواء وفجوة؛ لأن أصل الخواء كما
(١). المغني (١/ ٣٧٣). (٢). المسند (٤/ ٣١٩). (٣). سبق تخريجه، انظر (ح ١٢٤٧). (٤). الصحاح تاج اللغة وصحاح العربية (٦/ ٢٣٣٣). (٥). أساس البلاغة (١/ ٢٧٢). (٦). النهاية في غريب الحديث (٢/ ٩٠)، وانظر غريب الحديث لابن الجوزي (١/ ٣١٤).