٥ - على ما قام ......... … ................. إلى آخره
ويروى:"ففيم تقول يشتمني لئيم"، قوله:"كخنزير" تعريض بكفره، أو بقبح منظره، فلذلك خص الخنزير، لأنه مسيخ قبيح المنظر سمج الخلق أكّال للعذرات، قوله:"تمرغ في رماد": تتميم لذمه لأنه يُدَلِّكُ خلْقَه بالشجر، ثم يأتي للطين والحمأة فيتلطخ بهما، وكلما تساقط منه عاد فيهما.
قال الجاحظ: والعين تكره الخنزير دون سائر المسوخ، لأن القرد وإن كان مسيخًا فهو مستملح، وأما الفيل فهو عجيب ظريف نبيل بهي، وإن كان سمجًا قبيحًا (١)، ويروى:"في دمان" موضع رماد.
قال أبو الحجاج؛ وقد غلط في هذا البيت قوم من منتحلي الأدب فروى بعضهم: في دمال، وبعضهم: في دمان، مكان "رماد" لما جهلوا ما يتصل به (٢).
قوله:"أو نوك الفؤاد" بضم النون وسكون الواو وفي آخره كاف، وهو الحمق.
الإعراب:
قوله:"على ما قام" كلمة "على" هاهنا للتعليل؛ يعني: لأجل أي شيء يشتمني لئيم؛ كما في قوله تعالى: ﴿وَلِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ﴾ [البقرة: ١٨٥] أي: لهداية اللَّه إياكم.
وكلمة:"ما" استفهامية؛ لأن المعنى: لأي شيء كما ذكرنا، وقال ابن جني: لفظة: "قام" هاهنا زائدة، والتقدير: على ما يشتمني لئيم، وقال ابن يسعون: وليس كذلك عندي؛ لأنها تقتضي النهوض بالشتم والتشمير له والجد فيه.
وقوله:"يشتمني": جملة من الفعل والمفعول، وقوله:"لئيم" فاعله، قوله:"كخنزير" الكاف للتشبيه، وخنزير مجرور به، قوله:"تمرغ": جملة من [الفعل والفاعل](٣) في محل الجر؛ لأنها صفة لخنزير، وقوله:"في رماد" يتعلق بتمرغ.
الاستشهاد فيه:
في قوله:"على ما قام" حيث أثبت ألف "ما" الاستفهامية المجرورة غير المركبة؛ لأجل الضرورة، ومن ذلك عد بعضهم قوله تعالى: ﴿بِمَا غَفَرَ لِي رَبِي﴾ [يس: ٢٧].
(١) الحيوان للجاحظ (٧/ ٣٩)، هارون، بتصرف. (٢) السابق نفسه. (٣) ما بين المعقوفين سقط في (أ).