ولا بد حين الحكم على تفسير بأنه متكلف من مراعاة أمرين:
الأول: النظر في حال من يفسر القرآن، أو يطلب تفسيره، ومعرفة هدفه وقصده، كأن يقصد الرياء والتصنع، أو إعياء من يسأله عن التفسير.
الثاني: النظر في الآيات المراد تفسيرها.
وبين أيدينا بعض الشواهد عن الصحابة والتابعين في نقد التكلف في تفسير القرآن، وهي لا تخرج عن الصور الآتية:
أولاً: أن يكون المراد من الآية معلوماً، فيتكلف المرء تفسير بعض الألفاظ الخفية مما لا يتوقف عليها فهم المراد من الآية، ومن شواهده أن عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - قرأ على المنبر قوله تعالى:{وَفَاكِهَةً وَأَبًّا}(١)، وقال:«هذه الفاكهة قد عرفناها، فما الأب؟ ، ثم رجع إلى نفسه فقال: إن هذا لهو التكلف يا عمر»، وفي رواية قال:«وما عليك ألا تدري ما الأب؟ »(٢).
(١) سورة عبس آية (٣١). (٢) أخرجه أبو عبيد في فضائل القرآن (٢/ ٢١١)، وسعيد بن منصور في سننه (١/ ١٨١)، وابن أبي شيبة في المصنف (١٠/ ٥١٢)، وابن سعد في الطبقات الكبرى (٣/ ١/٢٣٧)، وابن جرير في جامع البيان (٢٤/ ١٢٣)، والحاكم في المستدرك (٢/ ٥١٤) كلهم من رواية أنس بن مالك عن عمر، وأخرجه عبد الرزاق في تفسيره (٢/ ٢٨٣) من طريق الزهري عن عمر، وأخرجه ابن وهب في الجامع (٢/ ١٢٣) من رواية عبد الرحمن بن محمد الزهري عن عمر، وأخرجه البخاري في صحيحه من طريق أنس في كتاب الاعتصام، باب ما يكره من كثرة السؤال وتكلف ما لا يعنيه (٨/ ١٤٣) مقتصراً على قوله: «نهينا عن التكلف».