٣ - وجاء آخر إلى ابن أبزى (١)، فقرأ عليه:{ثُمَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِرَبِّهِمْ يَعْدِلُونَ}، وقال:«أليس الذين كفروا بربهم يعدلون؟ ، قال ابن أبزى: بلى، فانصرف عنه الرجل، فقال له رجل من القوم: يا بن أبزى إن هذا قد أراد تفسير هذه على غير هذا؛ إنه رجل من الخوارج، فقال: ردوه علي، فلما جاءه قال: هل تدري فيمن نزلت هذه الآية؟ ، قال: لا، قال: إنها نزلت في أهل الكتاب؛ اذهب ولا تضعها على غير حدها»(٢).
٤ - وسئل الشعبي عن قول الله تعالى:{وَإِنْ أَطَعْتُمُوهُمْ إِنَّكُمْ لَمُشْرِكُونَ}(٣)، فقيل له:«تزعم الخوارج أنها في الأمراء؟ ، قال: كذبوا؛ إنما أنزلت هذه الآية في المشركين كانوا يخاصمون أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فيقولون: أما ما قتل الله فلا تأكلوا منه، يعني الميتة، وأما ما قتلتم أنتم فتأكلون منه، فأنزل الله:{وَلَا تَأْكُلُوا مِمَّا لَمْ يُذْكَرِ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ} إلى قوله: {إِنَّكُمْ لَمُشْرِكُونَ} قال: لئن أكلتم الميتة وأطعتموهم إنكم لمشركون»(٤).
* وقد تبلغ الجرأة بالخوارج وقلة الأدب إلى مواجهة الصحابة - رضي الله عنهم - بالآيات
(١) هو عبد الرحمن بن أبزى الخزاعي مولاهم، ذكر البخاري وغيره أن له صحبة، وأكثر روايته عن عمر وأبي بن كعب، سكن الكوفة واستعمله عليٌ على خراسان. انظر: التاريخ الكبير (٣/ ١/٢٤٥)، وأسد الغابة (٣/ ٤٢٢)، والإصابة (٦/ ٢٥٨). (٢) جامع البيان (٩/ ١٤٨)، والدر المنثور (٣/ ٤). (٣) سورة الأنعام من الآية (١٢١). (٤) تفسير ابن أبي حاتم (٤/ ١٣٨٠)، ولمزيد شواهد انظر تفسير القرآن لابن المنذر (١/ ١٢١).