وثمة أمور ساهمت في كثرة المروي عنه في النقد وبروزه كناقد، ومن أهمها:
أولاً: إمامته في علم التفسير، وقد شهد بذلك لنفسه، وشهد له غيره (١)، وهذا أسهم في جعله مرجعاً علمياً معتبراً في التفسير.
ثانياً: قوة الحجة لديه، فقد قال عنه طاوس:«ما رأيت أحداً خالف ابن عباس، ففارقه حتى يقرره»(٢).
ولما قيل له: «لم لزمت هذا الغلام، وتركت الأكابر من أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم -؟ ، قال: إني رأيت سبعين من أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا تدارؤوا (٣) في شيء، صاروا إلى قول ابن عباس» (٤).
وفي رواية عنه قال:«جلست إلى خمسين شيخاً أو سبعين شيخاً من أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، ما منهم أحد يخالف ابن عباس، فيقوم حتى يرجع إلى قوله، أو يقول بقوله»(٥).
ثالثاً: ونتيجة لما سبق نجد طلابه وغيرهم يعرضون عليه الأقوال التي
(١) انظر ما سبق (ص ١١١). (٢) الطبقات الكبرى لابن سعد (٢/ ٢/١٢٤)، والعلل لأحمد (٢/ ٦١). (٣) في القاموس المحيط (ص ٥٠) مادة "درأ": «تدارؤوا: تدافعوا في الخصومة». (٤) الطبقات الكبرى لابن سعد (٢/ ١٢٠)، وفضائل الصحابة لأحمد (٢/ ٩٦٧، ٩٧٣، ٩٧٩). (٥) فضائل الصحابة لأحمد (٢/ ٩٨٢).