فكما اُختلف في القدر الزمني الذي يصح به إطلاق اسم الصحابي على من رأى النبي - صلى الله عليه وسلم -، اختلف في التابعي , فذهب بعض من لم يشترط طول الصحبة في الصحابي إلى اشتراطها في التابعي , فلم يكتف بمجرد رؤيته الصحابي , والفرق بين الصحابي والتابعي شرف رؤية النبي - صلى الله عليه وسلم - وعظمها، ولأن الاجتماع به يؤثر في النور القلبي أضعاف ما يؤثره الاجتماع الطويل بالصحابي وغيره من الأخيار (١).
ومذهب جمهور العلماء عدم اشتراط طول صحبة التابعي للصحابي , وإنما مجرد لقائه به كاف في إطلاق اسم التابعي عليه (٢).
وهذا الرأي هو الراجح وعليه عمل أئمة المحدثين كالإمام مسلم , وأبي حاتم بن حبان (٣)
, وأبي عبد الله الحاكم (٤) وغيرهم، فإنهم ذكروا في طبقات التابعين
(١) انظر: الكفاية (ص ٥٩) , ومقدمة ابن الصلاح (ص ٥٠٦) , والباعث الحثيث (ص ١٦٢) , وتدريب الراوي (٢/ ٦٩٩ - ٧٠٠). (٢) انظر: مقدمة ابن الصلاح (ص ٥٠٦) , والتقييد والإيضاح للعراقي (ص ٣١٧) , ونزهة النظر (ص ١٣١) , وفتح المغيث للسخاوي (٤/ ١٤٧). (٣) هو الحافظ أبو حاتم محمد بن حبان البستي، روى عن النسائي وابن خزيمة، وتولى قضاء سمرقند، من مصنفاته: الصحيح المسمى بالأنواع والتقاسيم، وكتاب المجروحين، توفي عام (٣٥٤).
انظر: تذكرة الحفاظ (٣/ ٩٢٠)، والبداية والنهاية (١٥/ ٢٨١)، ولسان الميزان (٥/ ١١٢). (٤) هو أبو عبد الله محمد بن عبد الله الضبي النيسابوري، الإمام الحافظ، ولد عام (٣٢١)، رحل في طلب الحديث وهو ابن عشرين سنة، من مصنفاته: المستدرك، ومعرفة علوم الحديث، توفي عام (٤٠٥). انظر: تاريخ بغداد (٥/ ٤٧٣)، وتذكرة الحفاظ (٣/ ١٠٣٩).