أمنه ذمي فجاء إلينا ثم علم أنه غير مسلم بعد قدومه فقال: ظننته مسلمًا، فإنه يقبل منه ذلك ويرد إلى محله، وهذا قول ابن القاسم، وله أيضًا: أنه لا يقبل منه ذلك (١)، فإن قال: علمت أنه ذمي فظننت أنه يجوز تأمينه لذمته منكم، فلا أمان له وهو فيء (٢)، وإليه أشار بقوله:(لا إمضاءه)، واختار اللخمي فيه أنه يرد إلى مأمنه (٣).
قوله:(وَإِنْ أُخِذَ مُقْبِلًا بَأَرْضِهِمْ، وَقَالَ: جِئْتُ أَطْلُبُ الأَمَانَ، أَوْ بِأَرْضِنَا وَقَالَ: ظننْتُ أَنَّكُمْ لا تَعْرِضُونَ لِتَاجِرٍ، أَوْ بَيْنَهُما رُدَّ لِمَأْمَنِهِ) يريد أن الحربي إذا أخذ ببلد العدو وهو مقبل إلينا فقال: إنما جئت أطلب الأمان فإنه يرد إلى مأمنه، وقاله في المدونة (٤)، وقيل: لا يقبل منه لأنه ظُهِر عليه قبل أن يدعي ذلك. ابن القاسم: والرومي إذا نزل بساحلنا (٥) تاجرًا قبل أن يعطى الأمان فقال: ظننت أنكم لا تعرضون لمن أتى تاجرًا حتى يبيع (٦)، فإما قبلت منه أو رددته إلى مأمنه (٧). وقيل: إن أخذ بفور قدومه رد إلى مأمنه وإن طالت إقامته لم يصدق ويرى فيه الإمام رأيه، وقال سحنون: يرى فيه الإمام رأيه (٨) مطلقًا، وقوله:(أو بينهما) أي: بين أرض المسلمين وأرض العدو؛ بمعنى: أنه منفصل (٩) من أرضه ولم يدخل أرضنا.
قوله:(وَإِنْ قَامَتْ قَرِينَةٌ فَعَلَيْهَا) أي: فإن قامت قرينة على صدق ما ادعاه أو كذبه عمل عليها كما إذا ظهر أنهم تجار أو متلصصون، ابن يونس (١٠): ولا خلاف أنهم إذا لم يكن معهم تجارة وتبين كذبهم (١١) وقد تكسرت مراكبهم ومعهم السلاح، أو ينزلون
(١) انظر: النوادر والزيادات: ٣/ ٨٠ و ٨١. (٢) في (ن): (هدر). (٣) انظر: التبصرة، للخمي، ص: ١٤٤٣. (٤) انظر: المدونة: ١/ ٥٠١. (٥) في (ز) و (ن): (بساحتنا). (٦) قوله: (حتى يبيع) يقابله في (ن ٢): (ببيع). (٧) انظر: المدونة: ١/ ٥٠١ و ٥٠٢. (٨) قوله: (رأيه) ساقط من (ن) و (ن ٢). (٩) في (س) و (ن) و (ن ٢): (انفصل). (١٠) قوله: (ابن يونس) زيادة من (س). (١١) قوله: (وتبين كذبهم) يقابله في (ن): (فقد تبين كذبه).