أشهب (١)، وسحنون (٢)، وغيرهما: لا يقضي القاضي (حتى لا يشك)(٣) أن قد فهم. فأما أن يظن أن قد فهم، وهو يخاف ألا يكون [قد](٤) فهم، لما يجد من الكسل (٥)، والحيرة، فلا ينبغي له أن يقضي بينهما (٦)(٧). فهذا هو الفهم الذي أراد في الكتاب. لا غيره.
وقوله:"أبقيت لكما حجة؟ "(٨).
قيل (٩): إنما صوابه أن يقوله (١٠): للمحكوم عليه، وعلى هذا اختصر المسألة أبو محمد، ومن اتبعه. أن يقول للمطلوب: أبقيت لك حجة؟ فهو الذي يعذر إليه. وأما المحكوم له، فإنه الذي يطلب الحكم، ولا إعذار له.
وقيل: يحتمل صواب ما قال، لأن المطلوب إذا ذكر حجته سئل الطالب عن جوابها، كأنه قال: بقي لكما كلام أسمعه منكما، وأنظر فيه، أو حجة تتدافعانها.
قال القاضي: وأوجه ما في هذا عندي أنهما اثنان. طالب، ومطلوب، ومرة يتوجه (١١) الحكم على المطلوب، ومرة على الطالب، بتعجيزه للمطلوب، ودفعه عنه.
فقوله: أبقيت لكما حجة؟، لمَّا كان له أن يقول ذلك لكل واحد منهما على الانفراد، إذا توجه عليه الحكم، اختصر الكلام، ولفه في لفظ
(١) قاله أشهب في المجموعة. (النوادر: ٨/ ٢٤). (٢) في كتاب ابنه. (النوادر: ٨/ ٢٤). (٣) سقط من ح. (٤) سقط من ق. (٥) كذا في نسخ التنبيهات، وفي النوادر (٨/ ٢٤): النكول، وما في التنبيهات: أنسب. (٦) في ع وح: بينهم. (٧) في النوادر (٨/ ٢٤): ولا ينبغي أن يقضي بينهما وهو يجد شيئاً من ذلك. (٨) المدونة: ٥/ ١٣٢. (٩) كذا في ع وح، وفي ق: بل. (١٠) كذا في ع وح، وفي ق: أن يقول. (١١) في ح: يتجه.