ضخمٌ مُقلَّدُها فَعْمٌ مقيَّدُها … في خَلْقِها عن بناتِ الفَحلِ تفضيلُ
تَهْوي على يَسَراتٍ وهْيَ لاهيةٌ … ذَوابلٍ وَقْعُهُنَّ الأرضَ تحليلُ
وقال للقوم حادِيهِمْ وقد جَعَلَت … وُرْقُ الجنادبِ يَركُضنَ الحَصى قِيلُوا (١)
لمَّا رأيتُ حِدَابَ الأَرضِ يَرفعُها … مع اللَّوامعِ تخليطٌ وتَرجيلُ (٢)
وقال كلُّ صديق كنتُ آملُهُ … لا أُلفِيَنَّكَ إني عنك مشغولُ
إذا يُساوِرُ قِرْنًا يَحِلُّ لهُ … أن يَترُكَ القِرنَ إِلَّا وَهُوَ مغلولُ
قال عاصم بن عمر بن قَتَادة: فلما قال: إذا عرَّد السُّودُ التنابيلُ، وإنما يريد معاشرَ الأنصار، لِمَا كان صَنَعَ صاحبُهم، وخَصَّ المهاجرين من أصحاب رسول الله ﷺ من قريشٍ بمديحه، غَضِبَت عليه الأنصار، فقال بعد أن أسلمَ وهو يمدحُ الأنصار ويَذكُر بَلاءَهم مع رسول الله ﷺ وموضعهم من اليُمْن، فقال:
مَن سَرَّه كَرَمُ الحياة فلا يَزَلْ … في مِقْنَبٍ من صالحِ الأنصارِ
وَرِثُوا المكارمَ كابرًا عن كابرٍ … إنَّ الخِيارَ همْ بنو الأخيارِ
الباذلين نفوسَهم لنبيِّهمْ … عندَ الهِيَاجِ ووَقْعةِ الجبّارِ
والناظرينَ بأعيُنٍ مُحمَرَّةٍ … كالجَمْرِ غيرِ كَلِيلة الأبصارِ
المُكرِهِينَ السَّمْهريَّ بأذرُعٍ … كسَوَاقلِ الهِنديِّ غيرِ قِصَارِ
وهُمُ إذا خَبَتِ النجومُ وغوَّرَتْ … للطائفينَ الطارِقينَ مَقَارِي
الذائدِين الناسَ عن أديانِهمْ … بالمَشرَفيِّ وبالقَنَا الخَطَّارِ
(١) في النسخ الخطية: قيل، والصواب ما أثبتنا. وهو أمر من القيلولة: وهي الاستراحة عند شدّة الحرِّ.
(٢) كذا وقع في النسخ، وفي الرواية التي سبقت عند المصنف، وكذا في "جمهرة أشعار العرب" لأبي زيد القرشي ص ٦٣٧: تخليط وتزييل، وهو الذي شرح عليه ابن الأثير في "النهاية" مادة (زول) فقال: يريد أنَّ لوامع السراب تبدو دون حداب الأرض، فترفعها تارة وتخفضها أخرى.