سَقْيًا لها خُلَّةً لو أنها صَدَقَت … مَوعودَها ولَوِ انَّ النُّصح مقبولُ
لكنَّها خُلّةٌ قد سِيطَ من دمِها … فَجْعٌ ووَلْعٌ وإخلافٌ وتبديلُ
فما تدومُ على حالٍ تكونُ بها … كما تلوَّنُ في أثوابها الغُولُ
فلا تَمسَّكُ بالوَصل الذي زَعَمَت … إلّا كما يُمِسكُ الماءَ الغَرابيلُ
كانت مَواعيدُ عُرقُوبٍ لها مَثَلًا … وما مواعيدُها إلَّا الأباطيلُ
فلا يَغُرَّنْكَ ما مَنَّت وما وَعَدَت … إنَّ الأمانيَّ والأحلامَ تضليلُ
أمسَتْ سعادُ بأرضٍ ما يُبلِّغُها … إلّا العِتاقُ النَّجيباتُ المَراسيلُ
ولنْ يُبلِّغَها إلَّا عُذافِرةٌ … فيها على الأَيْنِ إرقالٌ وتَبْغيلُ
مِن كل نصَّاحَةِ الذِّفْرَى إِذا عَرِقَت … عُرضَتها طامسُ الأعلامِ مجهولُ
يَمشي القُرَادُ عليها ثمَّ يُزلِقُهُ … عنها اللَّبَانُ وأقرابٌ زَهاليلُ
عَيْرانةٌ قُذِفَت بِالنَّحْضِ عن عُرضٍ … ومِرفَقٌ عن ضُلوعِ الزَّوْرِ (١) مفتولُ
كأنما فاتَ عينَيها ومَذبَحَها … من خَطْمِها ومن اللَّحْيينِ بِرطِيلُ
تُمِرُّ مِثلَ عَسِيبِ النَّخل ذا خُصَلٍ … في غارِزٍ لم تَخَوَّنهُ الأَحاليلُ
قنْواءُ في حُرَّتَيها للبَصيرِ بها … عِتقٌ مُبِينٌ وفي الخدَّينِ تسهيلُ
تَخْذي على يَسَراتٍ وَهْيَ لاهِيَةٌ … ذَوابِلُ وَقْعُهُنَّ الأرضَ تحليلُ
حَرْفٌ أبُوها أخُوها من مُهجَّنةٍ … وعمُّها خالُها قَوْداءُ شِمْليلُ
سُمْرُ العُجَايَاتِ يَترُكنَ الحَصَا زِيَمًا … ما إنْ يَقِيهِنَّ حَدَّ الأُكمِ تنعيلُ
يومًا تَظَلُّ حِدَابُ الأَرضِ يَرفَعُها … من اللوامِعِ تخليطٌ وتَزْيلُ
(١) تحرَّف في (ص) و (م) إلى الدور، والمثبت من (ب)، وهو الصواب.
والزَّور: أعلى الصدر، وقيل: وسطه. انظر "شرح قصيدة بانت سعاد" لابن هشام النحوي ص ٢٤٦ بتحقيق عبد الله الطويل.