قُتَيبة بن سعيد، أخبرنا جرير، عن سالم بن أبي حَفْصة، عن عبد الله بن مُلَيْل العِجْلي قال: سمعتُ ابن عبّاس قبل موته بثلاثٍ يقول: اللهمَّ إني أتوبُ إليك ممّا كنت أُفتي الناسَ في الصَّرْف (١).
هذا حديث صحيح الإسناد، وهو من أجلِّ مناقبِ عبد الله بن عبّاس: أنه رَجَعَ عن فتوى لم يُنقَمْ عليه في شيءٍ غيرِها.
٦٤٤٠ - أخبرنا أبو عبد الله الصَّفّار، حدثنا إسماعيل بن إسحاق، حدثنا سليمان ابن حَرْب، حدثنا حمّاد بن زيد، حدثنا أيوب، عن ابن أبي مُلَيكة: أنَّ عمر بن الخطّاب تلا هذه الآية: ﴿أَيَوَدُّ أَحَدُكُمْ أَنْ تَكُونَ لَهُ جَنَّةٌ مِنْ نَخِيلٍ وَأَعْنَابٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ لَهُ فِيهَا مِنْ كُلِّ الثَّمَرَاتِ﴾ إلى هاهنا ﴿فَأَصَابَهَا إِعْصَارٌ فِيهِ نَارٌ فَاحْتَرَقَتْ﴾ [البقرة: ٢٦٦]، فسأل عنها القومَ وقال: فيمَ تَرونَ أُنزِلَت ﴿أَيَوَدُّ أَحَدُكُمْ أَنْ تَكُونَ لَهُ جَنَّةٌ﴾ فقالوا: الله ورسوله أعلم، فغَضِبَ عمر وقال: قولوا: نعلمُ أو لا نعلمُ فقال ابن عبّاس: في نفسي شيءٌ منها يا أميرَ المؤمنين، قال: يا ابنَ أخي، قُلْ ولا تَحقِرْ نفسَك، قال ابن عبّاس: ضُرِبَت مَثلًا لعمل، فقال عمر: رجلٌ غنيٌّ يعمل
(١) خبر صحيح، وهذا إسناد حسن من أجل سالم بن أبي حفصة وشيخه ابن مُليل جرير: هو ابن عبد الحميد. وروى نحوه عن ابن عبّاس أبو الشعثاء جابر بن زيد عند الطبراني (٤٥٦) و (٤٥٧) بإسناد جيد. ورواه مفصَّلًا عن ابن عبّاس أبو الجوزاء الربعي عند أحمد ١٨/ (١١٤٧٩) - وهو عند ابن ماجه مختصرًا (٢٢٥٨) - قال: سألتُ ابن عباس عن الصرف، يدًا بيد، فقال: لا بأس بذلك اثنين بواحدٍ، أكثر من ذلك وأقل، قال أبو الجوزاء: ثم حججتُ مرة أخرى والشيخُ حي - يعني ابن عبّاس - فأتيته فسألته عن الصرف، فقال: وزنًا بوزنٍ فقلت: إنك قد أفتيتني اثنين بواحد، فلم أزل أُفتي به منذ أفتيتني، فقال: إنَّ ذلك كان عن رأيي، وهذا أبو سعيد الخدري يحدِّث عن رسول الله ﷺ، فتركتُ رأيي إلى حديث رسول الله ﷺ. وانظر رواية أبي مجلز المطوّلة في قصة ابن عبّاس وأبي سعيد السالفة عند المصنف برقم (٢٣١٣).