حدثنا أبو المغيرة عبد القُدُّوس بن الحجّاج، حدثنا صفوان بن عمرو، حدثني عبد الرحمن بن جُبير بن نُفير، عن أبيه، عن عوف بن مالك الأشْجَعي، قال: انطلقَ النبيُّ ﷺ وأنا معه حتى دخلْنا كنيسةَ اليهودِ، فقال:"يا معشرَ اليهود، أرُوني اثني عشر رجلًا يَشْهَدُون أن لا إله إلَّا الله وأن محمدًا رسول الله، يُحبِطِ اللهُ عن كل يهوديّ تحت أَدِيم السماء الغضبَ الذي غَضِبَ عليه" قال: فأَسكَتُوا ما أجابه منهم أحدٌ، ثم رَدّ عليهم فلم يُحبه منهم أحدٌ، فقال:"أبَيتُم؟! فواللهِ لأنا الحاشِرُ، وأنا العاقِبُ، وأنا النبيُّ المصطفى، آمنتُم أو كذَّبْتُم" ثم انصرف وأنا معه حتى كِدْنا أن نخرُجَ، فإذا رجلٌ من خَلْفِنا يقول: كما أنتَ يا محمدُ، فأقبل، فقال ذلك الرجلُ: أي رجل تَعلَمُوني فيكم يا معشَرَ اليهود؟ قالوا: والله ما نعلمُ أنه كان فينا رجلٌ أعلمَ بكتابِ الله منك، ولا أفقَهَ منك، ولا من أبيك قبلَك، ولا من جَدِّك قبلَ أبيك، قال: فإني أشهدُ له بالله أنه نَبيُّ الله الذي تَجِدُونه في التَّوراة، فقالوا: كَذَبْتَ، ثم ردُّوا عليه قولَه، وقالوا فيه شرًّا، فقال رسول الله ﷺ:"كذَبْتُم، لن يُقبل قولُكم، أما آنِفًا فتُثنُون عليه مِن الخَير ما أثنيتُم، وأما إذْ آمَنَ فَكَذَّبْتُموه وقلتُم فيه ما قلتُم؛ فلن يُقبَلَ قولُكم" قال: فخرجْنا ونحن ثلاثةٌ: رسولُ الله ﷺ وأنا وعبدُ الله بنُ سَلَام، وأنزل الله تعالى فيه: ﴿قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ كَانَ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ وَكَفَرْتُمْ بِهِ﴾ الآية [الأحقاف: ١٠](١).
صحيح على شرط الشيخين، ولم يُخرجاه، إنما اتَّفقا على حديث حُميد عن أنس:"أيُّ رجلٍ عبدُ الله بن سَلَام فيكم؟ " مختصرًا (٢).
(١) رجاله لا بأس بهم، لكن قد يقع في حديث صفوان وعبد الرحمن بن جبير ما يُستنكَر، وقصة إسلام عبد الله بن سلام قد رُويَت عند أحمد ١٩/ (١٢٠٥٧) والبخاري (٣٣٢٩) بسياق آخر مشهور، وإسناده أصحُّ. وأخرجه أحمد ٣٩/ (٢٣٩٨٤)، وأخرجه ابن حبان (٧١٦٢) من طريق أبي نَشِيط محمد بن هارون النَّخَعي، كلاهما (أحمد وأبو نشيط) عن أبي المغيرة عبد القدوس بن الحجاج، بهذا الإسناد. (٢) بل أخرجه البخاري (٣٣٢٩) و (٣٩٣٨) مطوّلًا، ولم يخرّجه مسلم.