فأدركَتْ زوجها ببعضِ تِهامةَ، وقد كان رَكِبَ في سفينةٍ فلما جلس فيها نادى باللاتِ والعُزَّى، فقال أصحابُ السفينة: لا يجوزُ هاهنا أحدٌ يدعو شيئًا إلَّا الله وحده مُخلِصًا، فقال عِكْرمةُ: واللهِ لئن كان في البحر وحدَه، إنه في البَرِّ وحدَه، أُقسِمُ بالله لأرجعنّ إلى محمدٍ، فرَجَع عِكْرمةُ مع امرأتِه فدخَل على رسول الله ﷺ، فبايَعه فقَبِلَ منه.
ودخَل رجلٌ مِن هُذيل حين هُزِمت بنو بَكْرٍ على امرأته فارًّا فلامَتُه وعَجَّزَتْه وعَيَّرتْه بالفِرَارِ، فقال:
وأنتِ لو رأيتِنا بالخَندَمَهْ … إذ فَرَّ صفوانُ وفَرَّ عِكْرِمَهْ
قال عُروة: واستُشهِدَ يوم أجْنادِينَ من المسلمين، ثم من قريش، ثم بني مَخزُومٍ عِكْرمةُ بن أبي جَهل (١).
(١) وأخرجه البيهقي في "دلائل النبوة" ٥/ ٤٩ - ٥٠ و ٩٨ عن أبي عبد الله الحاكم، بهذا الإسناد. وأخرجه الطبراني في "الكبير" ١٧/ (١٠٢٠) عن محمد بن عمرو بن خالد، به. وروي مثلُه عن موسى بن عُقبة، عن الزهري مرسلًا، عند البيهقي ٥/ ٣٩ - ٤٧، وابن عساكر في "تاريخ دمشق" ٤١/ ٦٢ ورجاله ثقات، لكن ليس فيه ذكر قصة السفينة. وأخرج قصة السفينة مفردة النسائي (٣٥١٦) من حديث سعد بن أبي وقاص، بإسناد حسن. وأخرجها كذلك الطبراني ١٧/ (١٠١٩) من مرسل ابن أبي مُليكة، ورجاله ثقات. وأخرجها أيضًا ابن عساكر ٤١/ ٦٥ من مرسل سليمان التيمي، ورجاله ثقات. واستشهاد عكرمة بأجنادين هو أصحُّ ما قيل في ذلك، وقد وافق عروةَ بنَ الزبير عليه موسى بن عقبة كما في التاريخ "الأوسط" للبخاري ١/ ٣٥٥. وهو الذي جزم به محمد بن عمر الواقدي فيما نقله عنه ابن سعد في "الطبقات" ٦/ ٨٨. ورواه موسى بن عقبة عن الزهري كما في "تاريخ دمشق" ٤١/ ٧١. وانظر ما سيأتي برقم (٥١٣٥). والخدمة: جبل أسفل مكة، تجمع فيه ناس من قريش يوم الفتح ليقاتلوا المسلمين، وكان منهم صفوان بن أمية وسُهيل بن عمرو وعكرمة بن أبي جهل وغيرهم.