السادة فإن قالوا: إن خصوص أول الآية لا يمنع التعلق بعموم آخره قيل لهم: هذا يخصه قوله تعالى: {وَلَا يَأْبَ الشُّهَدَاءُ إِذَا مَا دُعُوا}) (١)، وممن قال بذلك من المفسرين أيضاً: مجاهد، وابن جرير الطبري، والبغوي، والجصاص، وإلكيا الهراسي، والجرجاني، وأبو السعود، والألوسي، وابن عاشور (٢).
النتيجة:
وما ذهب إليه السعدي ومن وافقه هو الصحيح لدلالة عموم الآية عليه، ولا مخصص لهذا العموم، ومما يؤيد هذا المعنى المستنبط أن متطلبات قبول الشهادة لا علاقة لها البتة بالرق والحرية فقد تُقبل شهادة العبد وقد تُرد شهادة الحر، قال الرازي:(والمعنى المستفاد من النص أيضاً دال عليه، وذلك لأن عقل الإنسان ودينه وعدالته تمنعه من الكذب، فإذا شهد عند اجتماع هذه الشرائط تأكد به قول المدعي، فصار ذلك سبباً في إحياء حقه، والعقل والدين والعدالة لا تختلف بسبب الحرية والرق، فوجب أن تكون شهادة العبيد مقبولة). (٣)