أكلها الصائم شاكاً في طلوع الفجر فلا شئ عليه، ووجه استنباط ذلك بمفهوم المخالفة - مفهوم الغاية - وهو التبين فإذا أكل شاكاً فصيامه صحيح لأن الحرمة إنما هي بعد الغاية وهي طلوع الفجر بدلالة"حتى".
الموافقون:
قال العثيمين:(ومنها: جواز الأكل، والشرب، والجماع مع الشك في طلوع الفجر؛ لقوله تعالى:{شَتَّى يَتَبَيَّنَ}؛ فإن تبين أن أكله، وشربه، وجماعه، كان بعد طلوع الفجر فلا شيء عليه)(١)، وقال السيوطي:(واستدل به على جواز الأكل لمن شك في طلوع الفجر؛ لأنه تعالى أباح الأكل إلى التبين، ولا تبين مع الشك)(٢)، كما أشار إلى ذلك بعض المفسرين منهم: الجصاص، والكيا الهراسي، وأبوحيان، والألوسي. (٣)
المخالفون:
ذهب ابن العربي إلى أن المراد بالتبين هنا شدة المقاربة أي: قاربت الصباح، وأن الآية لا تدل على جواز الأكل حتى التبين بل إن المنع هو الأشبه بوضع الشريعة وحرمة العبادة (٤).
النتيجة:
ما ذهب إليه السعدي ومن وافقه من المفسرين هو الأصح في وجه هذا الاستنباط لدلالة مفهوم المخالفة عليه؛ ولأن القول بخلافه فيه إلغاء لهذا المفهوم بلا حجة، قال ابن بدران: (ويدل قوله تعالى: {شَتَّى يَتَبَيَّنَ} أن ابتداء الإمساك يكون من التبين، فمن شك فيه وفعل شيئاً من
(١) انظر: تفسير القرآن الكريم للعثيمين (٢/ ٣٥٤). (٢) انظر: الإكليل في استنباط التنزيل (١/ ٣٥٩). (٣) انظر: أحكام القرآن للجصاص (١/ ٢٨٠)، وأحكام القرآن للكيا الهراسي (١/ ٧٣)، والبحر المحيط (٢/ ٥٨)، وروح المعاني (٢/ ٦٧). (٤) انظر: أحكام القرآن لابن العربي (١/ ١٠٥).