إِلَيْكَ}، أي: قد سمعت كلامك فأنا أحب أن أراك) (١)
وقوله تعالى:{قَالَ لَنْ تَرَانِي}. هذا (٢) أيضًا دليل على جواز الرؤية، لأنه لو كان مستحيل الرؤية لقال: لا أرى، ألا ترى أنه لو كان في يد رجل حجر فقال له إنسان: ناولني هذا لآكل، فإنه يقول:(هذا لا يؤكل)، ولا يقول: لا تأكل، ولو كان في يده بدل الحجر تفاحة لقال: لا تأكل، أي: هذا مما يؤكل ولكنك لا تأكل.
وفي قوله:{لَنْ تَرَانِي} إبطال قول من يقول: إن موسى سأل الرؤية لقومه؛ لأنهم (٣) قالوا {أَرِنَا اللَّهَ جَهْرَةً}[النساء: ١٥٣]، فسأل موسى الرؤية ليتبين لهم أن ذلك لا يجوز، وذلك أنه لو كان سؤال الرؤية لقومه لقال (٤): لن يروني، ولقال موسى: أرهم (٥)، فلما قال {أَرِنِي} وقيل له: {لَنْ تَرَانِي} بطل أن يكون السؤال لقومه، وقول من قال: إن (لن)(٦) للتأبيد دعوى على أهل اللغة، وليس يشهد لذلك كتاب ولا نقل ولا إسناد ولا أصل (٧)، ولكن معنى قول:{لَنْ تَرَانِي} أي: في الدنيا كما قال عبد العزيز
(١) "معاني الزجاج" ٢/ ٣٧٤ وزاد فيه: (وهذا خطأ لا يعرفه أهل اللغة) اهـ. (٢) في (ب): (في هذا أيضًا دليل). (٣) انظر: "الكشاف" ٢/ ١١٣. (٤) في (أ): (قال)، وهو تحريف. (٥) في (ب): (أراهم)، وهو تحريف. (٦) لفظ: (لن) ساقط من (ب). (٧) لن: حرف يدل على النفي في المستقبل، قال ابن هشام في "المغني" ١/ ٢٨٤: (لن حرف نفي واستقبال ولا تفيد توكيد النفي ولا تأبيده خلافا للزمخشري وكلاهما دعوى بلا دليل) اهـ. انظر: "العين" ٨/ ٣٥٠، و"الكتاب" ٤/ ٢٢٠، و"حروف المعاني" ص ٨، و"تهذيب اللغة" ٤/ ٣٣٠٣، و"معاني الحروف" ص ١٠٠، و"رصف المباني" ص ٣٥٥، و"اللسان" ٧/ ٤٠٨٢ (لن).