وقال الحكم (١) والسدي (٢): {مِنْ بَيْنِ أَيْدِيهِمْ}(يعني الدنيا {وَمِنْ خَلْفِهِمْ}، من قبل الآخرة). وهو قول ابن عباس في رواية العوفي، قال:(أما {مِنْ بَيْنِ أَيْدِيهِمْ} فمن قبل دنياهم، وأما {وَمِنْ خَلْفِهِمْ} (٣) فأمر آخرتهم) (٤). فهؤلاء جعلوا (بين أيديهم) الدنيا؛ لأنها بين يدي الإنسان يسعى فيها ويعمل لها والآخرة تأتي (٥) من بعد.
وقوله تعالى:{وَعَنْ أَيْمَانِهِمْ وَعَنْ شَمَائِلِهِمْ}، قال الوالبي عن ابن عباس {وَعَنْ أَيْمَانِهِمْ}: (أُشَبِّه عليهم أمر دينهم، {وَعَنْ شَمَائِلِهِمْ} أُشَهِّي (٦) لهم المعاصي). وقال في رواية عطاء:({وَعَنْ أَيْمَانِهِمْ} يريد: من قبل الحق، {وَعَنْ شَمَائِلِهِمْ} يريد: من قبل الباطل)(٧).
(١) الحكم بن عتيبة الكندي أبو محمد الكوفي، إمام ثقة فقيه، تقدمت ترجمته، والأثر عنه، أخرجه الطبري في "تفسيره" ٨/ ١٣٦، ١٣٧ بسند جيد، وذكره ابن أبي حاتم في "تفسيره" ٥/ ١٤٤٥ وقال: (روي عن مجاهد والنخعي والحكم وأبي صالح والسدي) اهـ. وذكره النحاس في "معانيه" ٣/ ١٦ - ١٧، والثعلبي في "الكشف" ص ١٨٨/ ب. (٢) أخرجه الطبري في "تفسيره" ٨/ ١٣٧ بسند جيد وذكره السمرقندي في "تفسيره" ١/ ٥٣٣، والثعلبي ١٨٨ ب. (٣) لفظ: (من) ساقط من (أ). (٤) أخرجه الطبري في "تفسيره" ٨/ ١٣٦، ١٣٧ بسند جيد عن علي بن أبي طلحة عن ابن عباس. وأخرجه الطبري أيضًا، وابن أبي حاتم ٥/ ١٤٤٤ بسند ضعيف من طريق عطية العوفي، وذكر النحاس في "معانيه" ٣/ ١٧ - ١٨ كلا الروايتين من طريق علي بن أبي طلحة وقال: (وذلك القول لا يمتنع؛ لأن الآخرة لم تأت بعد فهي بين أيدينا وهي تكون بعد موتنا فمن هذه الجهة يقال: هي خلفنا) اهـ. (٥) في (ب): (يأتي). (٦) في (ب): (اشتهى)، والمشهور: (اشَهَّي) وقد سبق تخريجه. (٧) لي أقف عليه بهذا اللفظ عن ابن عباس. وذكره ابن الجوزي في "زاد المسير" ٣/ ١٧٦ عن مجاهد والسدي.