يسلكونه إلى الجنة بأن أزين لهم الباطل وما يكسبهم المآثم، فإذا كان الباء قسمًا كان اللام جواب القسم، و (ما) بتأويل المصدر و {أَغْوَيْتَنِي} صلتها ولا عائد لها. قال: ويجوز أن يكون (ما) بتأويل الشرط والباء من صلة الإغواء، والفاء المضمرة جواب الشرط، والتقدير قال: فبأي شيء أغويتني فلأقعدن لهم صراطك، فتضمر (١) الفاء جوابًا للشرط كما تضمرها (٢) في قولك: إلى ما أومأت إني قابله وبما أمرت إني سامع له مطيع) (٣).
وقوله تعالى:{لَأَقْعُدَنَّ لَهُمْ صِرَاطَكَ الْمُسْتَقِيمَ}، قال الزجاج:(أي: على طريقك المستقيم، ولا اختلاف بين النحويين (٤) في أن (على) محذوفة، ومثل ذلك قولك: ضربه زيد الظهر والبطن، والمعنى: على الظهر والبطن) (٥).
(١) في (ب): (فيضمر) بالياء. (٢) في (ب): (يضمرها) بالياء. (٣) ذكر بعضه الواحدي في "الوسيط" ١/ ١٦٢، والوجوه في (الباء) و (ما) في عامة المصادر. انظر: "تفسير الطبري" ٨/ ١٣٥، والماوردي ٢/ ٢٠٦، و"غرائب الكرماني" ١/ ٣٩٩، و"تفسير البغوي" ٣/ ٢١٨، وابن عطية ٥/ ٤٤٤، و"الفريد" ٢/ ٢٧٧، وقال أبو حيان في "البحر" ٤/ ٢٧٤، والسمين في "الدر" ٥/ ٢٦٤ - ٢٦٥: (الظاهر أن الباء للقسم، وما مصدرية) اهـ. وذكر السمين قول ابن الأنباري في أن ما شرطية وقال: (هذا الذي قاله ضعيف جدًّا، فإنه على تقدير صحة معناه يمتنع من حيث الصناعة، فإن فاء الجزاء لا تحذف إلا في ضرورة شعر، فعلى رأي أبي بكر يكون قوله {لَأَقْعُدَنَّ} جواب قسم محذوف، وذلك القسم المقدر، وجوابه جواب الشرط فيقدر دخول الفاء على نفس جملة القسم مع جوابها تقديره: فبما أغويتني، فوالله لأقعدن، هذا يتمم مذهبه) اهـ. (٤) انظر: "الكتاب" ١/ ٣٤ - ٣٧، و"معاني الأخفش" ٢/ ٢٩٥. (٥) "معاني الزجاج" ٢/ ٣٢٤، ونحوه ذكر النحاس في "إعراب القرآن" ١/ ٦٠٢، والمعاني ٣/ ١٦، ومكي في "المشكل" ١/ ٢٨٤.