الوجه الثاني: تخصيص الآية، وهو قول جماعة من المفسرين أيضاً، قال ابن عباس:{لَا تُدْرِكُهُ الْأَبْصَارُ}(ينقطع عنه في الدنيا)(١)، وقال مقاتل:(لا تراه الأبصار في الدنيا، وهو يُرى في الآخرة)(٢)، وعلى هذا القول لا فرق بين الرؤية والإدراك، وهو مذهب شيخنا أبي الحسن (٣)؛ لأنه لا يفرق بينهما، ويقول:(معنى الآية {لَا تُدْرِكُهُ الْأَبْصَارُ} في الدنيا، قال: والدليل على أن هذه الآية مخصوصة بالدنيا قوله تعالى: {وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَاضِرَةٌ (٢٢) إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ} [القيامة:٢٢ - ٢٣] وهذه الآية مطلقة، وقوله {وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ}[القيامة: ٢٢] مقيد، والمطلق يحمل على المقيد، فلما كان قوله {لَا تُدْرِكُهُ الْأَبْصَارُ} يوجب نفي الرؤية، وقوله:{إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ}[القيامة: ٢٣] يوجب الرؤية، ولا يجوز التضاد، قلنا: الذي نفاه أراد به في الدنيا، والذي أثبته أراد به في الآخرة) (٤).
= و"الفتاوى" ١/ ٢٤٥ - ١٧/ ١٦٨، ٩/ ٣٠٠ "معجم المناهي اللفظية" لبكر بن عبد الله أبو زيد ص ٤٣٦. (١) ذكره الثعلبي في "الكشف" ١٨٢ أ، والواحدي في "الوسيط" ١/ ٩٣، والبغوي ٣/ ١٧٣، وابن الجوزي في "زاد المسير" ٣/ ٩٨. (٢) ذكره الثعلبي في "الكشف" ١٨٢ أ، والواحدي في "الوسيط" ١/ ٩٤، والبغوي في "تفسيره" ٣/ ١٧٤، وفي "تفسير مقاتل" ١/ ٥٨٢: (يقول: لا يراه الخلق في الدنيا) ا. هـ. وأخرج الواحدي في "الوسيط" ١/ ٩٤، هذا القول عن الحسن البصري. (٣) أبو الحسن شيخ الواحدي، لم أستطع تحديده، وفي "مقدمة البسيط" ذكر من شيوخ الواحدي: علي بن محمد بن إبراهيم الضرير أبو الحسن النحوي، وعمران ابن موسى المغربي أبو الحسن، وعلي بن محمد الفارسي أبو الحسن. (٤) انظر: "تفسير الطبري" ٧/ ٣٠٢، وابن الجوزي ٣/ ٩٨ - ٩٩، وقال شيخ الإسلام في "الفتاوى" ٢/ ٣٣٥. (وقد اتفق أئمة المسلمين على أن أحدًا من المؤمنين =