هذا المعنى {فَالِقُ الْإِصْبَاحِ}: مبديه وموضحه، وذلك أن معنى الفلق راجع إلى الإبداء والإيضاح؛ لأن الفلق يتضمن الإبداء (١).
وقوله تعالى:{وَجَعَلَ اللَّيْلَ سَكَنًا} السكن: معناه في اللغة ما سكنت إليه، يريد: أن الناس يسكنون في الليل سكون الراحة، بأن جعل الله تعالى ذلك لهم سكنًا (٢). قال ابن عباس:(يريد: أن كل ذي روح يسكن فيه)(٣)، وقال الكلبي:(يسكن فيه الخلق ويرجعوا إلى أوطانهم)(٤)، وهو مثل قوله تعالى: {هُوَ (٥) اَلَّذِى جَعَلَ لَكُمٌ الّيلَ لِتَسكنُواْ فِيهِ} [يونس: ٦٧].
واختلف القراء (٦) في قوله: {وَجَعَلَ اللَّيْلَ} فقرأ الأكثرون (جَاعِلُ) بالألف؛ لأن قبله اسم فاعل وهو [قوله](٧): {فَالِقُ الْحَبِّ} و {فَالِقُ الْإِصْبَاحِ} و (جاعل) هاهنا حسن ليكون المعطوف [مثل المعطوف](٨) عليه، ألا ترى أن حكم الاسم أن يعطف على اسم مثله؛ لأن الاسم بالاسم أشبه من الفعل بالاسم، وقرأ أهل الكوفة {وَجَعَلَ اللَّيْلَ} لأن اسم الفاعل الذي قبله بمعنى الماضي، فلما كان فَاعِلٌ بمنزلة فَعَلَ في المعنى عطف عليه فعل؛ لموافقته له
(١) في (ش): (الابتداء)، وهو تحريف، وانظر: "المفردات" ص ٦٤٥. (٢) انظر: "تفسير الطبري" ٧/ ٢٨٣. (٣) لم أقف عليه. (٤) ذكره الواحدي في "الوسيط" ١/ ٨٧. (٥) جاء في النسخ: (وهو الذي) بالواو، وهو خطأ واضح. (٦) قرأ عاصم وحمزة والكسائي (جَعَلَ الليلَ) بفتح العين واللام من غير ألف بينهما على أنه فعل ماض و (الليل)، بالنصب على أنه مفعول به. وقرأ الباقون (جاعِلُ الليلِ) بالألف وكسر العين ورفع اللام، و (الليلِ) بالخفض على الإضافة. انظر: "السبعة" ص ٢٦٣، و"المبسوط" ص ١٧٢، و"الغاية" ص ٢٤٥، و"التذكرة" ٢/ ٤٠٥، و"التيسير" ص ١٠٥، و"النشر" ٢/ ٢٦٠. (٧) لفظ: (قوله) ساقط من (ش). (٨) ما بين المعقوفين ساقط من (ش).