يَدَاهُ مَبسُوطَتَانِ} المبالغة في الجود والإنعام، وهذا طريق في معنى الآية صحيح.
وذهب بعض أهل اللغة أن معنى اليد في هذه الآية النعمة (١) قال في قوله: {يَدُ اللَّهِ مَغْلُولَةٌ} معناه: نعمة الله مقبوضة، وأنكر أبو عبيد والزجاج وابن الأنباري هذا القول، فقال أبو عبيد: من قال هذا فقد زعم أنه ليس لله على العباد إلا نعمتان، لأنه يلزمه أن يقول في قوله:{بَلْ يَدَاهُ مَبْسُوطَتَانِ} أي: نعمتاه.
وقال الزجاج: هذا القول خطأ، ينقضه {بَلْ يَدَاهُ مَبْسُوطَتَانِ}، فيكون المعنى: نعمتاه مبسوطتان، ونعم الله أكثر من أن تحصى.
وقال أبو بكر: هذا القول محال في هذه الآية، لأن نعم الله تعالى لا يحاط بعددها، وآلاؤه تفوق الإحصاء، فكيف يقول: نعمتاه مبسوطتان، فيوقع التثنية في الشيء الذي يُقَصِّر كل جمع عنه. الدليل على ما نَصِف قوله تعالى:{وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللَّهِ لَا تُحْصُوهَا}[ابراهيم: ٣٤، النحل: ١٨](٢). انتهت الحكاية عنهم.
فهؤلاء الأئمة أنكروا هذا القول، وهو صحيح، وإن أنكروا وذهب عليهم وجه صحته.
قال أبو علي فيما أصلح علي أبي إسحاق: قد دل كلام أبي إسحاق في تفسير قوله تعالى: {وَقَالَتِ الْيَهُودُ يَدُ اللَّهِ مَغْلُولَةٌ} على أن المراد به الإمساك، لأنه شبه ذلك بقوله تعالى:{وَلَا تَجْعَلْ يَدَكَ مَغْلُولَةً إِلَى عُنُقِكَ}
(١) هذا مذهب الأشاعرة!! وسبق من كلام الأئمة كالطبري، والبغوي ما يبين ضعفه ورده. (٢) انظر: "زاد المسير" ٢/ ٣٩٣.