الصلاة قاعدًا أو نائمًا (١) لكان قد أدى فرض هذه الآية (٢).
ونظير قمتم في هذا الموضع قوله سبحانه:{الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ}[النساء: ٣٤] وليس يراد هنا -والله أعلم- القيام الذي هو المثول، وإنما هو من: قمت (بأمرك (٣))، وعليّ القيام بهذا الأمر، فكأنه (٤) قال: الرجال متكلِّفون لأمر النساء ومعنيون بشؤونهن، فكذلك قوله:{إِذَا قُمْتُم}(أي (٥)) إذا هممتم بأمر الصلاة، وتوجهتم إليها بالعناية، وكنتم غير متطهرين فافعلوا كذا، فقوله:{إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلَاةِ فَاغْسِلُوا} يريد: إذا قمتم إلى الصلاة ولستم على طهارة، فحذفُ ذلك للدلالة عليه، وهذا أحد الاختصارات التي في القرآن، وهو كثير جدًّا.
ومثل ذلك قول طَرَفَة:
فإن مُتُّ فانعِيني بما أنا أهلُه ... وشُقِّي عليَّ الجَيبَ يابنة مَعْبَدِ (٦)
تأويله: فإن مُتُّ قبلك. لابد من أن يكون الكلام معقودًا على هذا؛ لأنه معلوم أنه لا يكلفها نعيه والبكاء عليه بعد موتها (٧).
(١) في "سر صناعة الإعراب": (قائمًا أو قاعدًا)، وهو أولى. (٢) "سر صناعة الإعراب" ٢/ ٦٣٣. (٣) ما بين القوسين ساقط من (ش). (٤) في (ج): (وكأنه). (٥) ساقط من (ج). (٦) "ديوانه" ص ٢٩، والبيت من معلقته كما في "شرح القصائد المشهورات" ص ٩٢ و"شرح المعلقات السبع" ص ٦٨، ومعنى انعيني: أشيعي خبر موتي، ويقصد بابنة معبد ابنة أخيه معبد بن العبد. (٧) "سر صناعة الإعراب" ٢/ ٦٣٤، ٦٣٥.