على أثر الزّبير بن العوّام، فدخلا على رسول الله ﷺ، فعرض عليهما الإسلام وقرأ عليهما القرآن، وأنبأهما بحقوق الإسلام، ووعدهما الكرامة من الله؛ فآمنا وصدّقا، فقال عثمان:
يا رسول الله قدمت حديثا من الشام، فلما كنّا بين معان (١) والزّرقاء (٢) فنحن كالنّيام إذا مناد ينادينا: أيها النّيام هبّوا فإنّ أحمد قد خرج بمكّة. فقدمنا فسمعنا بك - وكان إسلام عثمان قديما قبل دخول رسول الله ﷺ دار الأرقم.
قال: أخبرنا محمد بن عمر قال، حدثني موسى بن محمد ابن إبراهيم بن حارث التّيمي عن أبيه قال: لمّا أسلم عثمان بن عفّان أخذه عمّه الحكم بن أبي العاص بن أميّة فأوثقه رباطا وقال:
أترغب عن ملّة آبائك إلى دين محدث؟! والله لا أحلّك أبدا حتى تدع ما أنت عليه من هذا الدين. فقال عثمان: والله لا أدعه أبدا ولا أفارقه. فلمّا رأى الحكم صلابته في دينه تركه.
قالوا: فكان عثمان ممّن هاجر من مكة إلى أرض الحبشة الهجرة الأولى والهجرة الثانية، ومعه فيهما جميعا امرأته رقية بنت رسول الله ﷺ. وقال رسول الله ﷺ: إنهما لأوّل من هاجر إلى الله بعد لوط (٣).
(١) معان: بالفتح، وفي معجم ما استعجم للبكري بضم الميم: مدينة في طرف بادية الشام تلقاء الحجاز من نواحي البلقاء. (معجم البلدان، مراصد الاطلاع للبغدادي). (٢) الزرقاء - تأنيث الأزرق: موضع بالشام ناحية معان وهو نهر عظيم يصب في الغور (معجم البلدان - مراصد الأطلاع). (٣) فتح الباري بشرح صحيح البخاري ١٤٣:٧، وإرشاد الساري ١٩٦:٦، وأسد الغابة ٤٥٦:٥، والإصابة ٢٩٨:٤.