إلا أحدهما، فقال العباس: لم أرفعك في شيء إلا رجعت إليّ مستأخرا بما أكره؛ أشرت عليك عند وفاة رسول الله ﷺ أن تسأله فيمن هذا الأمر فأبيت، وأشرت عليك بعد وفاته أن تعاجل الأمر فأبيت، وأشرت عليك حين سمّاك عمر في الشورى أن لا تدخل معهم فأبيت؛ احفظ عني واحدة: كلما عرض عليك القوم فقل لا إلا أن يولوك، واحذر هؤلاء الرهط فإنهم لا يبرحون يدفعوننا عن هذا الأمر حتى يقوم لنا به غيرنا، وأيم الله لا يناله إلا بشر لا ينفع معه خير. فقال عليّ: أما لئن بقي عثمان لأذكرنه ما أتى، ولئن مات ليتداولنها بينهم، ولئن فعلوا ليجدني حيث يكرهون ثم تمثل:
ليختلين رهط ابن يعمر مارئا (١) … نجيعا بنو الشداخ وردا مصلّبا
والتفت فرأى أبا طلحة فكره مكانه، فقال أبو طلحة: لم ترع أبا الحسن.
فلما مات عمر وأخرجت جنازته تصدى علي وعثمان أيهما يصلي عليه، فقال عبد الرحمن: كلاكما يحب الإمرة، لستما من هذا في شيء، هذا إلى صهيب، استخلفه عمر يصلي بالناس ثلاثا حتى يجتمع الناس على إمام. فصلى صهيب، فلما دفن عمر جمع المقداد أهل الشورى في بيت المسور بن مخرمة، ويقال في بيت المال، ويقال في حجرة عائشة بإذنها، وهم خمسة معهم ابن عمر وطلحة
(١) في الكامل لابن الأثير ٦٨:٣. ليختلين رهط ابن يعمر قارئا