قال: وقال قائل من المسلمين في ضرب حسان وأصحابه من فريتهم عليها:
لقد ذاق حسّان الذي كان أهله … وحمنة إذ قالوا هجيرا ومسطح (١)
تعاطوا برجم الغيب زوج نبيّهم … وسخطة ذي العرش الكريم فأترحوا (٢)
وآذوا رسول الله فيها فجلّلوا … مخازي تبقى عمّموها وفضّحوا
وصبّت عليهم محصدات كأنّها … شآبيب قطر من ذرا المزن تسفح (٣)
وقال أبو بكر الصديق ﵁ لمسطح وكان اسمه «عوف» ومسطح: لقب:
يا عوف ويحك هلاّ قلت عارفة … من الكلام ولم تتبع بها طمعا
وأدركتك حميّا معشر أنف … ولم يكن قاطعا يا عوف من قطعا
أما حديث من الأقوام إذ حشدوا … فلا تقول ولو عاينته قذعا
لما رأيت حصانا غير مقرفة … أمينة الجيب لم يعلم لها خمعا (٤)
في من رماها وكنتم معشرا أفكا … في سيّء القول من لفظ الخنى شرعا
فأنزل الله عذرا في براءتها … وبين عوف وبين الله ما صنعا
فإن أعش أجز عوفا عن مقالته … شرّ الجزاء بما ألفيته صنعا
(١) الهجير: الهجر وقول الفاحش القبيح. (٢) الرجم: الظن، وأترحوا: أحزنوا وهو من الترح وهو الحزن. ويروى «فابرحوا» بالباء وهو من البرح، أي المشقة والشدة. (٣) محصدات: يعني سياطا محكمة الفتل شديدات، والشآبيب: جمع شؤبوب وهو الدفعة من المطر، والذرا: الأغاني، والمزن: السحاب، وتسفح: تسيل (السيرة لابن هشام ٣٠٧:٢). (٤) الخمع بالكسر: اللمس، أي أمينة الجيب ليس لها لصوصية، كناية من طهارتها.