المنافقين (قالت)(١) وتساور (٢) الناس حتى كاد يكون بين هذين الحيين من الأوس والخزرج شرّ، ونزل رسول الله ﷺ فدخل عليّ (٣)، فدعا عليّ بن أبي طالب وأسامة بن زيد فاستشارهما، فأما أسامة فأثنى خيرا وقاله، ثم قال: يا رسول الله أهلك ولا نعلم منهم إلا خيرا، وهذا الكذب والباطل. وأما عليّ فإنه قال: يا رسول الله إن النساء كثير، وإنك لقادر على أن تستخلف، وسل الجارية فإنها ستصدقك، فدعا رسول الله ﷺ بريرة ليسألها، فقام إليها عليّ فضربها ضربا شديدا وقال اصدقي رسول الله ﷺ، فتقول: والله ما أعلم إلا خيرا، وما كنت أعيب على عائشة شيئا إلا أني كنت أعجن عجيني فآمرها أن تحفظه فتنام عنه فتأتي الشاة فتأكله، قالت: ثم دخل (عليّ)(٤) رسول الله ﷺ وعندي أبواي وعندي امرأة من الأنصار وأنا أبكي وهي تبكي معي، فجلس فحمد الله وأثنى عليه ثم قال: «يا عائشة إنه قد كان ما بلغك من قول الناس، فاتّقي الله، فإن كنت قارفت سوءا (٥) مما يقول الناس فتوبي إلى الله فإن الله يقبل التوبة عن عباده» قالت: (فو الله)(٦) إن هو إلا أن قال لي ذلك فقلص (٧) دمعي حتى ما أحسّ منه شيئا.
وانتظرت أبوي أن يجيبا عني رسول الله ﷺ فلم
(١) الإضافات عن السيرة لابن هشام ٣٠٠:٢، ٣٠١. (٤) الإضافات عن السيرة لابن هشام ٣٠٠:٢، ٣٠١. (٦) الإضافات عن السيرة لابن هشام ٣٠٠:٢، ٣٠١. (٢) وتساور الناس: قام بعضهم إلى بعض. وفي بعض النسخ من سيرة ابن هشام «تثاوروا» وانظر ابن هشام ٣٠٠:٢ حاشية رقم ٣. (٣) كذا في الأصل، ولعل العبارة زائدة. (٥) قارفت سوءا: أي دخلت فيه (السيرة لابن هشام ٣٠١:٢ حاشية ٢). (٧) قلص دمعي: ارتفع دمعي (عن المصدر السابق حاشية ٣).