المصريون راضين، فبينما هم بالطريق إذا هم براكب يتعرّض لهم ثم يفارقهم ويسبقهم. فقالوا له: مالك إن لك لأمرا، ما شأنك؟ فقال: أنا رسول أمير المؤمنين إلى عامله بمصر. ففتّشوه فإذا هم بالكتاب على لسان عثمان ﵁، عليه خاتمه، إلى عامله أن يقتّلهم، أو يصلّبهم، أو يقطّع أيديهم وأرجلهم. فأقبلوا حتى أتوا المدينة، فأتوا عليّا ﵁ فقالوا له: ألم تر إلى عدوّ الله!! إنه كتب فينا بكذا وكذا، وإنّ الله قد أحلّ دمه، قم معنا إليه.
قال: لا والله ما أقوم معكم. قالوا: فلم كتبت إلينا؟ قال: لا والله ما كتبت إليكم بكتاب قطّ. قال: فنظر بعضهم إلى بعض. ثم قال بعضهم لبعض: ألهذا تقاتلون أم لهذا تغضبون؟! قال: فانطلق فخرج من المدينة إلى قرية، وانطلقوا حتى دخلوا على عثمان ﵁ فقالوا: كتبت فينا بكذا وكذا؟ قال: إنما هما اثنتان؛ أن تقيموا عليّ رجلين من المسلمين، أو يميني بالله الذي لا إله إلا هو ما كتبت ولا أمليت ولا علمت، وقال: قد تعلمون أنّ الكتاب يكتب على لسان الرجل، وقد ينقش الخاتم على الخاتم. فقالوا: قد والله أحلّ الله دمك، ونقض العهد والميثاق (١).
* حدثنا علي بن محمد، عن أبي مخنف، عن محمد بن يوسف، عن عبد الرحمن بن جندب قال: رجعوا راضين، فلما كانوا بأيلة (٢) لحقهم غلام لعثمان ﵁ يقال له يحنّة،
(١) تاريخ الطبري ٣٥٥:٤ (ط المعارف) - والرياض النضرة ١٢٢:٢ - والعواصم من القواصم ص ١١٠، ١٢٥، ١٢٩ - وتاريخ الخميس ٢٥٩:٢. (٢) أيلة: مدينة في رأس خليج العقبة وتسمى حاليا إيلات.