حتى قمت عليهم فإذا عليّ وطلحة، والزبير، وسعد بن أبي وقاص قعود، فلم يك ذاك بأسرع أن جاء عثمان ﵁ يمشي في المسجد عليه ملاءة له صفراء قد رفعها على رأسه، قال فقلت لصاحبي:
كما أنت حتى ننظر ما جاء به. فلما دنا منهم قالوا: هذا ابن عفان.
قال: أهاهنا عليّ؟ قالوا: نعم. قال: أهاهنا الزبير؟ قالوا: نعم.
قال: أهاهنا طلحة؟ قالوا: نعم. (قال: أهاهنا سعد؟ قالوا:
نعم (١) قال: أنشدكم بالله الذي لا إله إلا هو، أتعلمون أن رسول الله ﷺ قال من يبتاع مربد (٢) بني فلان غفر الله له.
قال فابتعته بعشرين - أو بخمسة وعشرين - ألفا، فأتيت النبي ﷺ فقلت له: إني قد ابتعت مربد بني فلان. قال:
اجعله في المسجد وأجره لك؟ قالوا: نعم، ولكنك بدّلت. قال:
أنشدكم بالله الذي لا إله إلا هو، أتعلمون أن رسول الله ﷺ قال: من يبتاع بئر رومة غفر الله له فابتعتها بكذا وكذا، فأتيت رسول الله ﷺ فقلت: إني قد ابتعت بئر رومة. فقال: اجعلها سقاية للمسلمين وأجرها لك؟ قالوا: نعم، ولكنك بدّلت. قال: أنشدكم بالله الذي لا إله إلا هو، أتعلمون أن رسول الله ﷺ نظر في وجوه القوم يوم جيش العسرة فقال: من يجهّز هؤلاء غفر الله له. فجهزتهم حتى ما يفقدون خطاما ولا عقالا؟ قالوا: نعم، ولكنك بدّلت. قال: اللهم اشهد - ثلاث مرات، ثلاث مرات - ثم انصرف (٣).
(١) ما بين الحاصرتين إضافة عن التمهيد والبيان لوحة ١٥٠. (٢) المربد: الجرن، أو الفناء المتسع أمام الدور. (٣) التمهيد والبيان لوحة ١٥٠ - وأنساب الأشراف ٦٢:٥.