وقد تصدّقت عائشة - رضي الله عنها - بحبّتي عِنَبٍ، وقالت: كم فيها من مثقالِ ذَرَّةٍ (١).
الفائدةُ الثّانية (٢):
وفي هذا الحديث: الحضُّ على برِّ الجار وصِلَتِهِ ورِفْدِهِ، وقد تقدّم ما في ذلك من الآثار، فلا معنى للتطّويل.
حديث عبد الله بن أبي بكر (٣)؛ أنّه قال، قال رسول الله - صلّى الله عليه وسلم -: "قاتلَ الله اليهودَ، نُهُوا عن أكلِ الشَّحْمِ، فباعُوهُ وأكلوا ثَمَنَهُ".
الحديث صحيح، وقد (٤) يُسْنَدُ من طريق عمر وابن عبّاس وأبي هريرة وجابر (٥).
وقيل: إنَّ ابن عبّاس إنّما يروِيهِ عن عمر عن النّبي - صلّى الله عليه وسلم - (٦).
وقيل: إنّه سمعه من النّبىِّ - صلّى الله عليه وسلم - (٧).
عربيّة (٨):
قوله:"قاتلَ الله اليهودَ" قيل: معناه لعنهم الله، قال الله تعالى:{قُتِلَ الْخَرَّاصُونَ}(٩) معناه: لُعِنُوا، ولفظه:"قاتل" وإن كان أصلها أنّ يكون الفعل من اثنين (١٠)، ولذلك يقال: تَلَاعَنَ الزّوجانِ، إذا وجدت الملاعنة من كلِّ واحدٍ منهما، وقد تجيءُ في كلام العربِ المفاعلةُ منَ الواحدِ، يقالُ: قاتلَهُ الله، بمعنى: فعلَ الله بهِ ذلكَ، ومنه: سافرَ الرَّجُلُ، وعالَجْتُ المريضَ.
(١) رواه مالك في الموطَّأ (٢٨٤٩) رواية يحيى، ورواه عن مالك: أبو مصعب (٢١٠٦). (٢) هذه الفائدةُ مقتبسة من الاستذكار: ٢٦/ ٣١٨. (٣) في الموطَّأ (٢٦٩١) رواية يحيى، ورواه عن مالك: أبو مصعب (١٩٥٥)، وسويد (٧١٧). (٤) من هنا إلى آخر الكلام مقتبس من الاستذكار: ٢٦/ ٣١٨. (٥) انظر هذه الطّرق في التّمهيد: ١٧/ ٤٠١ - ٤٠٦. (٦) أخرجه الحميدي (١٣) ومن طريقه ابن عبد البرّ في التمهيد: ١٧/ ٤٠١. (٧) أخرجه ابن عبد البرّ في التمهيد: ١٧/ ٤٠٢ من حديث ابن عبّاس. (٨) كلامه في العربيّة مقتبس من المنتقى: ٧/ ٢٤٥ - ٢٤٦. (٩) الذاريات: ١٠. (١٠) انظر مفردات ألفاظ القرآن للراغب: ٦٥٥.