وقال جابر - رضي الله عنه - خطبنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال:"مهل أهل المدينة من ذي الحليفة، ومهل أهل الطريق الآخر الجُحْفة، ومهل أهل العراق من ذات عرق، ومهل أهل نجد من قرن، ومهل أهل اليمن من يلَمْلَم".
قال: فخرج رسول الله -صلى الله عليه وسلم - لخمس بقين من ذي القعدة -أو أربع- وساق هديًا، فخرجنا معه، معنا النساء والولدان، حتى أتينا ذا الحليفة، فولدت أسماء بنت عُميس: محمَّد بن أبي بكر، فأرسلت إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم -: كيف أصنع؟ فقال:"اغتسلي واستثفري (١) بثوب وأحرمي".
فصلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في المسجد وهو صامت (٢).
[الإحرام]
ثُمَّ رَكِبَ الْقَصْوَاءَ، حَتَّى إِذَا اسْتَوَتْ بِهِ نَاقَتُهُ عَلَى الْبَيْدَاءِ أَهلَّ الحج- وفي رواية: أفرد الحج هو وأصحابه- قال جابر: نَظَرْتُ إلى مَدِّ بَصَرِي بَيْنَ يَدَيْهِ مِنْ رَاكِبٍ وَمَاشٍ، وَعَنْ يَمِينِهِ مِثْلَ ذَلِكَ، وَعَنْ يَسَارِهِ مِثْلَ ذَلِكَ، وَمِنْ خَلْفِهِ مِثْلَ ذَلِكَ، وَرَسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم - بَينَ أَظْهُرِنَا، وَعَلَيهِ يَنْزِلُ الْقُرآنُ، وَهُوَ يَعْرِفُ تَأْوِيلَهُ، وَمَا عَمِلَ بِهِ مِنْ شَيءٍ عَمِلْنَا بِهِ.
وَأَهَلَّ النَّاسُ بِهَذَا الَّذِي يُهِلُّونَ بِهِ- وفي رواية: ولبى الناس- والناس يزيدون: لبيك ذا المعارج، لبيك ذا الفواضل، فَلَم يَرُدَّ رَسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم - شيْئًا مِنْهُ،
(١) الاستثفار: أن تشدَّ المرأة فرجها بخرْقة عريضة بعد أن تحتشي قطنًا، فتمنع بذلك سيل الدم. (٢) صامت: يعني لم يُلّبِّ بعد.