وقال النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم - لما أَجْلَى الله الْأَحْزابَ:"الْآنَ نَغْزُوهُم، وَلا يَغْزُونَنا نَحْنُ نَسِيرُ إِلَيْهِمْ"(١).
[٨ - وفي ذي القعدة من هذه السنة: وقعت غزوة بني قريظة، ونالوا جزاء خيانتهم العظمى.]
[الشرح]
لَمّا رَجَعَ رَسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم - مِنْ الْخَنْدَقِ ووَضَعَ السِّلاحَ واغْتَسَلَ، أَتاهُ جِبْرِيلُ -عليه السلام - وَهُوَ يَنْفُضُ رَأْسَهُ مِنْ الْغُبارِ فَقالَ: قَدْ وَضَعْتَ السِّلاحَ؟ واللهِ ما وَضَعْتُهُ اخْرُجْ إِلَيهِم، قالَ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم -: "فأَيْنَ"، فَأَشارَ إلى بني قُرَيْظَةَ، فخرج النبي -صلى الله عليه وسلم- إليهم (٢).
وسارع في الخروج، وحث الصحابة على سرعة اللحاق به، حتى قالَ لهم - صلى الله عليه وسلم -: "لا يُصَلِّيَنَّ أَحَدٌ الْعَصْرَ إِلّا في بني قُرَيْظَةَ"، فَأَدْرَكَ بَعْضُهُم الْعَصرَ في الطَّرِيقِ، فَقالَ بَعْضُهُمْ: لا نُصَلِّي حَتَّى نَأْتِيَها، وَقالَ بَعْضُهُمْ: بَلْ نُصَلِّي لَمْ يُرِدْ مِنَّا ذَلِكَ، فَذُكِرَ ذَلِكَ لِلنَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - فَلَمْ يُعَنِّفْ واحِدًا مِنْهُمْ (٣).
[خروج جبريل عليه السلام في كوكبة من الملائكة مع النبي - صلى الله عليه وسلم - إلى بني قريظة]
عَنْ أَنَس بن مالك - رضي الله عنه - قالَ: كَأَنِّي أَنْظُرُ إلى الْغُبارِ سَاطِعًا في زُقاقِ بني غَنْمٍ
(١) صحيح: أخرجه البخاري (٤١١٠)، كتاب: المغازي، باب: غزوة الخندق وهي الأحزاب. (٢) متفق عليه: أخرجه البخاري (٤١٢٢)، كتاب: المغازي، باب: مرجع النبي -صلى الله عليه وسلم- من الأحزاب ومخرجه إلى بني قريظة ومحاصرته إياهم، مسلم (١٧٦٩)، كتاب: الجهاد والسير، باب: جواز قتال من نقض العهد. (٣) متفق عليه: أخرجه البخاري (٤١١٩)، كتاب: المغازي، باب: مرجع النبي -صلى الله عليه وسلم- من الأحزاب ومخرجه إلى بني قريظة، مسلم (١٧٧٠)، كتاب: الجهاد والسير، باب: المبادرة بالغزو وتقديم أهم الأمرين المتعارضين.