وقُلْ لهُ: وَاسِ أَخي مُفَرِّجِ … لَسْتُ أُحبُّ اليَوْمَ صيْدَ الزُّمَّجِ
لا البَاز يَصْطَادُ ولا الصُّقُور … إذا رأَتْهُ فَوقَهَا ويَدُور
وقلتُ للغِلْمَان في وَسْط السَّحَرْ: … قُوْمُوا اخْرُجُوا فاليَوْم يَوْمُ مشْتَرْ
ولا تُريدُوا مَعكُمْ مَنْ قد عُرِفْ … بالشُّؤْم في الصَّيْدِ ولكنْ يَنْصَرفْ
قالُوا: فمَنْ نَردُّ؟ قُلتُ: ردُّوا … ذَاكَ وذا وذا وذا وشُدُّوا
لمَّا رَدَدْتُ القَوْم طابَتْ نفْسِي … وسِرْتُ في عِصَابَةٍ منْ جِنْسِي
كُلِّ كَريم بَطَلٍ مُحَام … مُغَاورٍ مُنَازِلٍ مِقْدَامِ
أَجْرَى منَ اللَّيْثِ إذا اللَّيْثُ زَأَرْ … والبَدْرِ في الحُسْنِ إذا البَدْرُ بَهَرْ
سقيًا لعجَّار (a) وما وَلَاهَا … طَابَ ثراهَا وشَفَى هَوَاهَا
حتَّى إذا صِرتُ وَرا البُسْتَانِ … وعَيْن قِنَّسْرِيْنَ (b) في الجِنَانِ
رأى الغُلَامُ أرْنَبًا في المجْثَم … نائمةً بحَيْنهَا لَم تَعْلَم
فشَكَّهَا بالآلَةِ المبُارَكَهْ … ونفسُها ممَّا دَهَاهَا هَالِكَهْ
وانْفَتَح الصَّيْدُ لنا وَطَابَا … قُلتُ: احْفَظُوا وَيَحْكُم الكلَابَا
فلَمْ نزلْ نَطْلُبُها في البقعَهْ … حتَّى أَخَذْنَا مائة وسَبْعَهْ
وَصَاحَ طَيْرُ الماءِ عن يَميْني … كأنَّما دَلَّ على كِميْنِ
قُلتُ: ذَرِ الأصْفَرَ والمُلمَّعَا … حتَّى إذا ما اسْتَعْلَيا دَارا مَعَا
كأنَّ ذا يَطْلُبُ ذا في الحَرْب … والطَّيْرُ منها في أَشَدِّ الكَرْب
لمَّا نقَرْتُ الطَّبْلَ طارَ الرَّفُّ … واسْتقبَلتهُ بالرَّدَى الأكُفُّ
فجُدِلَتْ أرْبعة كِبَارُ … كأنَّها من ثِقْلِها أحْجَار
ثُمَّ تَبِعْناهُ إلى حَدِّ البِرَكْ … وَهْوَ مِنَ الخوَف كَطَيرٍ في شَرَكْ
فلَمْ يَطِر حتَّى نَقَرْنا الطَّبْلَا … فازْدَادَ منَّا وَحْشَةً وخَبْلَا
(a) كتب المؤلف في الهامش: "عجَّار: قرية بالقرب من عزاز".
(b) في الهامش: "يريد نهر قويق".