حث النبي صلى الله عليه وسلم على الصدقة جاء عمر رضي الله عنه بنصف ماله، فقال النبي صلى الله عليه وسلم لعمر رضي الله عنه:((مَا أَبْقَيْتَ لأَهْلِكَ؟ قُلْتُ: مِثْلَهُ، وَأَتَى أَبُو بَكْرٍ بِكُلِّ مَا عِنْدَهُ، فَقَالَ: يَا أَبَا بَكْرٍ مَا أَبْقَيْتَ لأَهْلِكَ؟ قَالَ: أَبْقَيْتُ لَهُمُ اللَّهَ وَرَسُولَهُ، قُلْتُ: لا أَسْبِقُهُ إِلَى شَيْءٍ أَبَدًا)) (١).
والجمع: أن هذا يكون بحسب الشخص، فإذا كان له دخل يومي، أو شهري يجوز له أن يتصدق بجميع ماله، أما إن كان ليس له مكسب يومي فإنه قد يصبح عالة.
وقوله:((وقلتُ: يا رسولَ الله إن الله إنما أنجاني بالصدق، وإن من توبتي ألَّا أُحَدِّثَ إلا بصدقٍ ما بقيتُ، قال: فَوَاللَّهِ مَا عَلِمْتُ أَنَّ أَحَدًا مِنَ الْمُسْلِمِينَ أَبْلَاهُ اللَّهُ فِي صِدْقِ الْحَدِيثِ مُنْذُ ذَكَرْتُ ذَلِكَ لِرَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إِلَى يَوْمِي هَذَا، أَحْسَنَ مِمَّا أَبْلَانِي اللَّهُ بِهِ)): أبلاه الله، أي: أنعم عليه، والبلاء يستعمل في الخير والشر، قال الله تعالى:{ونبلوكم بالشر والخير فتنة وإلينا ترجعون} وقال تعالى- عن سليمان لما جاءه عرش بلقيس-: {قال هذا من فضل ربي ليبلوني أأشكر أم أكفر}.
والبلاء هو الاختبار والامتحان بالخير وبالشر.
وفيه: أن عاقبة الصدق حميدة، وأن العاقبة للصادقين، قال تعالى:{قال الله هذا يوم ينفع الصادقين صدقهم لهم جنات تجري من تحتها الانهار}، والصدق يكون في الاعتقادات، فالمؤمن صادق في اعتقاده، والمنافق كاذب في اعتقاده، ويكون في الأقوال والأفعال، ففي الحديث:((الْبَيِّعَانِ بِالْخِيَارِ مَا لَمْ يَتَفَرَّقَا، فَإِنْ صَدَقَا وَبَيَّنَا بُورِكَ لَهُمَا فِي بَيْعِهِمَا، وَإِنْ كَذَبَا وَكَتَمَا مُحِقَ بَرَكَةُ بَيْعِهِمَا)) (٢)، يعني: بيَّنا ما في السلعة من العيوب.
(١) أخرجه أبو داود (١٦٧٨)، والترمذي (٣٦٧٥). (٢) أخرجه البخاري (٢٠٧٩)، ومسلم (١٥٣٢).