هذا الحديث فيه: بيان فضل هذه الأمة، وأنها نصف أهل الجنة، حيث قال صلى الله عليه وسلم:((والَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ إِنِّي لَأَرْجُو أَنْ تَكُونُوا نِصْفَ أَهْلِ الجَنَّةِ)).
ولا منافاة بين قوله هنا:((والَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ إِنِّي لَأَرْجُو أَنْ تَكُونُوا نِصْفَ أَهْلِ الجَنَّةِ))، وبين حديث:((أنهم ثلثا أهل الجنة)) (١)، فيكون النبي صلى الله عليه وسلم قد أخبر أولًا أن هذه الأمة نصف أهل الجنة، ثم زاده الله خيرًا، فأخبر أنهم ثلثا أهل الجنة.
وقوله:((قَالَ: فَكَبَّرْنَا)): فيه مشروعية التكبير عند رؤية ما يسر، فالسنة إذا رأى الإنسان ما يعجبه أن يكبِّر، أو يسبِّح، كما في حديث أطيط العرش، قال: وَنَسْتَشْفِعُ بِاللَّهِ عَلَيْكَ، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:((وَيْحَكَ أَتَدْرِي مَا تَقُولُ؟ ! )) وَسَبَّحَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَمَا زَالَ يُسَبِّحُ حَتَّى عُرِفَ ذَلِكَ فِي وُجُوهِ أَصْحَابِهِ (٢) - إنكارًا وتعجبًا- ولم يفعل ما يفعله بعض الناس من التصفيق، فالتصفيق من أخلاق الكفار، ومن أخلاق النساء؛ لذلك قال الله تعالى:{وَمَا كَانَ صَلاتُهُمْ عِنْدَ الْبَيْتِ إِلا مُكَاءً وَتَصْدِيَةً}، فالمكاء: الصفير، والتصدية: التصفيق، وقد كان المشركون يتعبدون بذلك، فلا ينبغي للمسلم أن يشاركهم.
وقوله:((أَلَا لَا يَدْخُلُ الْجَنَّةَ إِلَّا نَفْسٌ مُسْلِمَةٌ)): فيه أن الجنة لا يدخلها إلا مسلم، وهذا مجمع عليه من أهل العلم.
(١) أخرجه الخطيب البغدادي في موضح أوهام الجمع والتفريق (٢/ ٣٩٣). (٢) أخرجه أبو داود (٤٧٢٦)، والطبراني في الكبير (١٥٤٧)، والبيهقي في الأسماء والصفات (٨٨٣).