دِمَاءَهُمْ وَاسْتَحَلُّوا مَحَارِمَهُمْ)): أصح ما قيل في الشح (١): إنه البخل، والحرص على جمع المال من كل طريق، مع البخل بالواجب فيه، كالزكاة والكفارات، والحقوق، والنفقات على الأولاد والبهائم والمماليك، وهو بهذا يحمل على استحلال المحرم، وتحريم الحلال، وأما إذا جُمع المال من طرقه المشروعة واجتُنبت الطرق المحرمة والمشبوهة، ثم أدى بعد ذلك صاحبه الحقوق التي تجب فيه فهو على خير عظيم، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح:((نِعْمَ المالُ الصَّالِحُ لِلرَّجُلِ الصَّالِحِ)) (٢)، وقد كان هناك أغنياء من الصحابة كأبي بكر الصديق، وعثمان، وعبد الرحمن بن عوف رضي الله عنهم، فقد كانوا ينفقون من أموالهم في سبيل الله، فعثمان رضي الله عنه هو الذي جهَّز جيش العسرة بثلاثمائة بعير بأحلاسها وأقتابها، فقال عنه النبي صلى الله عليه وسلم:((مَا ضَرَّ عُثْمَانَ مَا عَمِلَ بَعْدَ اليَوْمِ)) (٣).
قوله:((إِنَّ الظُّلْمَ ظُلُمَاتٌ يَوْمَ الْقِيَامَةِ))، يعني: يؤدي إلى الظلمات؛ فالجزاء من جنس العمل، نعوذ بالله تعالى.
قال القاضي عياض رحمه الله:((قوله صلى الله عليه وسلم: ((إِنَّ الظُّلْمَ ظُلُمَاتٌ يَوْمَ الْقِيَامَةِ)): قيل: ظاهره أنه ظلمات على صاحبه حتى لا يهتدى يوم القيامة سبيلاً حيث يسعى نور المؤمنين بين أيديهم وبأيمانهم، وقد تكون الظلمات هنا: الشدائد، وبه