دليل على أن الله تعالى قد جعل في الجبل التمييز؛ ولذلك خاطبه النبي صلى الله عليه وسلم، كما قال الله تعالى:{وَإِنَّ مِنَ الْحِجَارَةِ لَمَا يَتَفَجَّرُ مِنْهُ الأَنْهَارُ وَإِنَّ مِنْهَا لَمَا يَشَّقَّقُ فَيَخْرُجُ مِنْهُ الْمَاءُ وَإِنَّ مِنْهَا لَمَا يَهْبِطُ مِنْ خَشْيَةِ اللَّهِ}، وفي الصحيحين: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال- لما رأى جبلَ أحد وهو راجع إلى المدينة-: ((إِنَّ أُحُدًا جَبَلٌ يُحِبُّنَا وَنُحِبُّهُ)) (١)، فجعل الله فيه التمييز، والله على كل شيء قدير، ولذلك أثبت له النبي صلى الله عليه وسلم المحبة.
وفي هذين الحديثين: علم من أعلام النبوة؛ حيث وقع ما أخبر به صلى الله عليه وسلم.
وفيهما: منقبة لهؤلاء المذكورين من الصحابة رضوان الله عنهم.
وفيهما: شهادة النبي صلى الله عليه وسلم لنفسه بالنبوة، وشهادته لأبي بكر رضي الله عنه بالصديقية، وشهادته للبقية رضي الله عنهم بالشهادة؛ لأنهم قُتلوا ظلمًا، وهم: عمر، وعثمان، وعلي، وطلحة، والزبير، قال النووي رحمه الله:((وقد ثبت أن من قُتل ظلمًا فهو شهيد، والمراد: شهداء في أحكام الآخرة، وعظيم ثواب الشهداء، وأما في الدنيا فَيُغسَّلون ويُصلَّى عليهم)) (٢).
وأما سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه فإنه لم يقتل شهيدًا، ولكنه كان معهم، والمعنى: أنه مشهود له بالجنة، قال النووي رحمه الله:((قال القاضي: إنما سمي شهيدًا؛ لأنه مشهود له بالجنة)) (٣).
(١) أخرجه البخاري (٤٠٨٣)، ومسلم (١٣٩٣). (٢) شرح مسلم، للنووي (١٥/ ١٩٠). (٣) شرح مسلم، للنووي (١٥/ ١٩٠).