وكذلك نُهي العبدُ أن يقول: ربي، وأُمر بأن يقول: سيدي، ومولاي؛ وذلك لأن الربوبية في الحقيقة إنما يستحقها الله عز وجل.
وقد عارض هذا الحديثَ ما جاء في حديث أشراط الساعة:((أَنْ تَلِدَ الْأَمَةُ رَبَّتَهَا)) (١)، وفي لفظ:((إِذَا وَلَدَتِ الْأَمَةُ رَبَّهَا)) (٢)، وقال الله تعالى- عن يوسف-: {إنه ربي أحسن مثواي}، فاختلف العلماء في الجمع بينهما على أقوال:
القول الأول: أن النهي هنا محمول على التنزيه، والذي صرف النهي عن التحريم إلى التنزيه قوله تعالى:{إنه ربي أحسن مثواي}، وحديث أشراط الساعة المتقدم.
القول الثاني: أن النهي على أصله، وأما قوله تعالى:{إنه ربي أحسن مثواي} فهذا في شرع مَن قبلنا، أما نحن فإن نبينا قد نهانا، وأما ما في حديث أشراط الساعة كقوله:((أَنْ تَلِدَ الْأَمَةُ رَبَّتَهَا)) فربتها: هذا في الأنثى، والذي في الحديث هنا النهي بالنسبة للذكر، قال:((لَا يَقُلْ أَحَدُكُمْ: أَطْعِمْ رَبَّكَ))، وبالنسبة للأنثى فالنهي محمول على التنزيه.
القول الثالث: أن النهي محمول على الوصف، فقوله:((لَا يَقُلْ أَحَدُكُمْ: أَطْعِمْ رَبَّكَ))، يعني: يصفه بالرب، وأما ما جاء في الآية وحديث:((أَنْ تَلِدَ الْأَمَةُ رَبَّتَهَا))، أو ((رَبَّهَا)) فهذا من باب وصفها بذلك لا دعاؤها به، وتسميتها به، وفرق بين الدعاء والتسمية، وبين الوصف، كما تقول: زيد فاضل، فتصفه بذلك ولا تسميه به ولا تدعوه به.
القول الرابع: النهي محمول على ما إذا أضيف إلى ياء المتكلم، فلا يقل العبد: ربي، ولا يقل السيد: عبدي، والجواز محمول على ما إذا أضيف إلى غير ياء المتكلم، فإذا قيل: عبد فلان، أو أمة فلان فلا بأس.