قوله:((فَحَمِدَ اللَّهَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ، ثُمَّ انْصَرَفَ)) أي: فحمد عمرُ اللهَ أن وافق اجتهاده النص، ورجع بالناس، وهذا من موافقات عمر رضي الله عنه، وقد كان موفَّقًا مُلهَمًا موافقًا للنصوص.
ولعمر رضي الله عنه موافقات قبلها، منها:
١. موافقاته في تحديد ميقات أهل العراق: ذات عرق، فقد حدده عمر بالاجتهاد قبل أن يعلم بالنص (١).
٢. أن عمر قال للنبي صلى الله عليه وسلم:((يا رسول الله، لو اتخذت من مقام إبراهيم مصلى، فأنزل الله:{واتخذوا من مقام إبراهيم مصلى})) (٢).
٣. أنه قال:((يا رسول الله لو حجبت نساءك يدخل عليهن البر والفاجر، فأنزل الله الحجاب)) (٣).
وقوله:((الْمَحِلُّ)): بفتح الحاء وكسرها.
وهذا الحديث فيه: أنه أطلق الوباء على الطاعون، قيل: الوباء المرض العام، وقيل: الطاعون.
وفيه: مشروعية المشاورة من ولي الأمر فيما يجدُّ بالمسلمين من حوادث ونوازل، عملًا بقول الله تعالى:{وشاورهم في الأمر}، ولهذا لما أراد عمر رضي الله عنه أن يقدم على الشام وقد وقع بها الطاعون استشار الناس، فاستشار المهاجرين فانقسموا قسمين، منهم من قال: نرى أن تمضي لهذا الأمر، ومنهم من قال: نرى أن ترجع ومعك وجوه الناس وأعيانهم، فَقَالَ: ارتفعوا عني، ثم استشار الأنصار فسلكوا سبيل المهاجرين، وانقسموا قسمين، منهم من قال: نرى أن تقدم، ومنهم من قال: نرى أن ترجع.