فقال بعض العلماء: الواجب قطعه أربعة أشياء: الحلقوم: وهو مجرى النفس، والمريء: وهو مجرى الطعام والشراب، والودجان: وهما العرقان المحيطان بالحلقوم.
وقال آخرون: يكفي قطع الحلقوم والمريء، ولو لم يقطع الودجين، وهذا مرجوح؛ لأنه إذا لم يقطع المريء فكيف يخرج الدم؟ ! والنبي صلى الله عليه وسلم يقول:((مَا أَنْهَرَ الدَّمَ)).
وقال بعضهم: يكفي قطع الودجين؛ لأنهما موضع إنهار الدم، ولو لم يقطع الحلقوم والمريء.
وقال بعضهم: لا بد من قطع الحلقوم والمريء، وأحد الودجين.
والصواب: أنه لا بد من قطع هذه الأربعة كلها.
وقوله:((كُفِئَتْ))، أي: قُلبت، وأُريق ما فيها.
وقوله:((فَنُذَكِّي بِاللِّيطِ؟ )): اللِّيط: قشور القصب، وهي محددة كالسكين، فلا بأس أن يذبح به، فيمره على الحلق، حتى ينهرَ الدم، ومن ذلك:((أَنَّ جَارِيَةً لَهُمْ كَانَتْ تَرْعَى غَنَمًا بِسَلْعٍ، فَأَبْصَرَتْ بِشَاةٍ مِنْ غَنَمِهَا مَوْتًا، فَكَسَرَتْ حَجَرًا فَذَبَحَتْهَا)) (١)، أما إذا ضربه بثقله وقتله به فهذا وقِيذٌ.
وقوله:((وَهَصْنَاهُ)): بالهاء والصاد المهملة، يعنى: رميناه رميًا شديدًا حتى سقط في الأرض، وفي رواية:((رَهَصْنَاهُ)) (٢)، أي: حبسناه.
في هذه الأحاديث: بيان أن الذبيحة إنما تحل بثلاثة شروط:
الأول: أن يكون المذكي من أهل التذكية، وهو المسلم، أو الكتابي؛ لقول الله تعالى:{وطعام الذين أوتوا الكتاب حل لكم وطعامكم حل لهم}، وطعامهم هو ذبائحهم، فالكتابي مستثنى من سائر الكفرة، أما الوثني
(١) أخرجه البخاري (٥٥٠١). (٢) شرح مسلم، للنووي (١٣/ ١٢٨).