لغير كبر، لكن إن كان لكبره يكون أعظم، ويكون له عقوبة أخرى، كما في الحديث الآخر:((مَنْ جَرَّ ثَوْبَهُ خُيَلاءَ، لَمْ يَنْظُرِ اللَّهُ إِلَيْهِ يَوْمَ القِيَامَةِ)) (١)، فإذا كان لخيلاء لم ينظر الله إليه، وإن لم يكن لخيلاء فهو متوعد بحديث آخر:((مَا أَسْفَلَ مِنَ الكَعْبَيْنِ مِنَ الإِزَارِ فَفِي النَّار)) (٢).
وقوله:((وَالْمَنَّانُ)) هو الذي يمن على الفقير، يقول: أعطيتك وأعطيتك، وهذا فيه إبطال للصدقة، قال الله تعالى:{يا أيها الذين آمنوا لا تبطلوا صدقاتكم بالمن والأذى}، فالكريم هو الذي يعطي، وينسى عطيته، لكن المنان يقول للفقير: أعطيتك وأعطيتك.
وقوله:((وَالْمُنَفِّقُ سِلْعَتَهُ بِالْحَلِفِ الْكَاذِبِ))، يعني: يروجها بالحلف الكاذب، يحلف ويقول: والله ما اشتريت السلعة إلا بكذا، والله ما دخلت علينا بكذا، والله ما بعت على غيرك إلا بكذا، وهو في كل ذلك كاذب.
هذا الحديث فيه: الوعيد الشديد على هؤلاء الثلاثة المذكورين، وهو أنه:((لَا يُكَلِّمُهُمُ اللَّهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، وَلَا يَنْظُرُ إِلَيْهِمْ، وَلَا يُزَكِّيهِمْ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ)) فهذه أربع عقوبات، وأن كل واحد منهم قد ارتكب كبيرة من كبائر الذنوب.
وفيه: أن كل واحد من هؤلاء ضعيف الإيمان، ولا يدل على أنهم كفار، ولكنهم عصاة، وهذا من باب الوعيد.