قوله:((تَعْدِلُ ثُلُثَ الْقُرْآنِ))، يعني: في الثواب، وإن كان مَن قرأ القرآن كله له فضل زائد، كما أن:((مَنْ صَلَّى الْعِشَاءَ وَالْفَجْرَ فِي جَمَاعَةٍ كَانَ كَقِيَامِ لَيْلَةٍ)) (١)، لكن من قام الليل له فضل زائد.
وقوله:((تَعْدِلُ ثُلُثَ الْقُرْآنِ)): قيل: معنى ذلك: أن القرآن على ثلاثة أنحاء: قصص، وأحكام، وأوصاف لله جلَّت قدرته، و ((قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ)) تشتمل على ذكر الصفات، فكانت ثلثًا من هذه الجهة.
وقيل: معنى ثلث القرآن: لشخص بعينه قصده رسول الله صلى الله عليه وسلم.
وقيل: معناه: أن الله تعالى يتفضل بتضعيف الثواب لقارئها، ويكون منتهى التضعيف إلى مقدار ثلث ما يستحق من الأجر على قراءة القرآن من غير تضعيف أجر قاله المازري (٢).
[٨١٣] حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ وَهْبٍ، حَدَّثَنَا عَمِّي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ وَهْبٍ، حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ الْحَارِثِ عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي هِلَالٍ: أَنَّ أَبَا الرِّجَالِ مُحَمَّدَ بْنَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ حَدَّثَهُ عَنْ أُمِّهِ عَمْرَةَ بِنْتِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ- وَكَانَتْ فِي حَجْرِ عَائِشَةَ- زَوْجِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم- عَنْ عَائِشَةَ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بَعَثَ رَجُلًا عَلَى سَرِيَّةٍ، وَكَانَ يَقْرَأُ لِأَصْحَابِهِ فِي صَلَاتِهِمْ، فَيَخْتِمُ بِـ {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ}، فَلَمَّا رَجَعُوا، ذُكِرَ ذَلِكَ لِرَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَقَالَ:((سَلُوهُ، لِأَيِّ شَيْءٍ يَصْنَعُ ذَلِكَ؟ ))، فَسَأَلُوهُ، فَقَالَ: لِأَنَّهَا صِفَةُ الرَّحْمَنِ، فَأَنَا أُحِبُّ أَنْ أَقْرَأَ بِهَا، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:((أَخْبِرُوهُ أَنَّ اللَّهَ يُحِبُّهُ)).
في هذا الحديث: جواز تكرار السورة في كل ركعة، وجواز جمع السور في ركعة واحدة؛ لأن هذ الرجل كان يكرر:((قُلْ هُوَ اللهُ أَحَدٌ)) في كل
(١) أخرجه أحمد (٤٩٣)، وأبو داود (٥٥٥). (٢) المعلم، للمازري (١/ ٤٦١).