صلى منفردًا، ثم جاء ابن عباس رضي الله عنهما، فصاروا اثنين، أي: صاروا جماعة.
وفيه: أن العمل القليل والحركة اليسيرة لا تؤثر في صحة الصلاة، وكذلك كما في قوله في الرواية الأخرى:((فَجَعَلْتُ إِذَا أَغْفَيْتُ يَأْخُذُ بِشَحْمَةِ أُذُنِي))، أي: حتى يزول منه النعاس.
وقوله:((وَكَانَ فِي دُعَائِهِ: اللَّهُمَّ اجْعَلْ فِي قَلْبِي نُورًا، وَفِي بَصَرِي نُورًا، وَفِي سَمْعِي نُورًا، وَعَنْ يَمِينِي نُورًا، وَعَنْ يَسَارِي نُورًا، وَفَوْقِي نُورًا، وَتَحْتِي نُورًا، وَأَمَامِي نُورًا، وَخَلْفِي نُورًا، وَعَظِّمْ لِي نُورًا)): هذا الدعاء دعاء بالنور والضياء والهداية، وهو يشرع في الصلاة، ويشرع- أيضًا- في الذهاب إلى المسجد (١).
وقوله:((ثُمَّ عَمَدَ إِلَى شَجْبٍ مِنْ مَاءٍ، فَتَسَوَّكَ)): الشجب: قربة قديمة (٢)، وفيه: أنه لم يُصِبْ من الماء إلا قليلًا.
وفي هذه الأحاديث- أيضًا-: أن صلاة النبي صلى الله عليه وسلم طويلة، كما قال تعالى:{يَا أَيُّهَا الْمُزَّمِّلُ قُمِ اللَّيْلَ إِلَاّ قَلِيلا نِصْفَهُ أَوِ انقُصْ مِنْهُ قَلِيلا أَوْ زِدْ عَلَيْهِ وَرَتِّلِ الْقُرْآنَ تَرْتِيلًا}، وقال تعالى:{إِنَّ رَبَّكَ يَعْلَمُ أَنَّكَ تَقُومُ أَدْنَى مِن ثُلُثَيِ اللَّيْلِ وَنِصْفَهُ وَثُلُثَهُ وَطَائِفَةٌ مِّنَ الَّذِينَ مَعَكَ وَاللَّهُ يُقَدِّرُ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ}.
كما أن صبره عظيم عليه الصلاة والسلام، وجاء في الحديث:((فَيَسْجُدُ السَّجْدَةَ مِنْ ذَلِكَ قَدْرَ مَا يَقْرَأُ أَحَدُكُمْ خَمْسِينَ آيَةً قَبْلَ أَنْ يَرْفَعَ رَأْسَهُ)) (٣).