بعضهم لبعض: نعم! وهو من شياطين الإنس فيقول لأحدهم: اذهب إلى قرابته وقل له ما أشد ما أخذت فيه، قال: وإن لا بليس خمسة أبواب، فتقول له قرابته: إنك أخذت بالشدة فإن أخذ بقوله رجع فهلك وإلا هلك الآخر، ويقول له الآخر من قرابته: هذا الذي أخذت فيه لا يتم، فإن أخذ بقوله رجع وهلك وإلا هلك الآخر، ويقول له الثالث: كما أنت حتى تفنى ما في يديك من الحطام، فإن أخذ بقوله رجع وهلك وإلا هلك الآخر، فيأتيه الرابع فيقول له: تركت العمل فلا تعمل وأنت ليلك ونهارك في راحة لا تعمل، فيقول له الخامس: جزاك الله خيرا تبت وأخذت في عمل الآخرة، ومن مثلك والحق في يدك فإذا أجابهم فقال: إنك أخذت بالشدة يرد عليه ويقول: إني كنت قبل اليوم في شدة فأما اليوم ففي راحة حيث أردت أن أرضي ربي وأرضي الناس فمتى أرضيت ربى أسخطت الناس، ومتى ما أرضيت الناس أسخطت ربي، فأخذت اليوم في رضاء ربي الواحد القهار، وتركت الناس، فصرت اليوم حرا، وهو نت علي أمري، حيث أعبد ربي وحده لا شريك له، فإذا قال:
إنك لا تتمه فقل إنما الإتمام على الله ﷿، وعلي أن أدخل في العمل وتمامه على الله تعالى، فإذا قال: كما أنت حتى تفني ما في يديك من الحطام، فقل له:
ففيم تخوفني وقد استيقنت أن كل شيء ليس بقولي فإني لا أقدر عليه، وما كان لي فلو دخلت في الأرض السابعة لدخل على، إذ فرغت نفسي واشتغلت بعبادة ربي، ففيم تخوفني؟ فإذا قال: إنك لم تعمل وصرت بلا عمل، فقل:
إني في عمل شديد، قد استبان لي عدو في قلبي ولن يرضى على ربى ألا ينكسر هذا العدو الذي في قلبي، وأكون ناصرا عليه في كل ما ألقى في قلبي، فأي عمل أشد من هذا؟ فإذا أجبته بهذا واستقمت على طاعة الله تعالى يجئ إليك من قبل العجب بنفسك فيقول لك: من مثلك جزاك الله خيرا وعافاك؟ فيريد أن يوقع في قلبك العجب، فقل له: إذا استبان لك أن الحق هذا والصواب في هذا العمل فما يمنعك أن تأخذ فيه إلى أن يأتيك الموت؟ فإذا أجبتهم بهذا تفرقوا عنك ولا يكون لهم عليك سبيل، فيأتون إبليس فيخبرونه فيقول لهم إبليس: إنه