للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

• أخبر جعفر بن نصير - في كتابه - وحدثني عنه محمد بن إبراهيم ثنا إبراهيم بن نصر ثنا إبراهيم بن بشار قال: ما رأيت في جميع من لقيته من العباد والعلماء والصالحين والزهاد أحدا يبغض الدنيا ولا ينظر إليها مثل إبراهيم ابن أدهم، ربما مررنا على قوم قد هدموا حائطا أو دارا أو حانوتا فيحول وجهه ولا يملأ عينيه من النظر إليه، فعاتبته على ذلك فقال يا بن بشار اقرأ ما قال الله تعالى ﴿(ليبلوكم أيكم أحسن عملا)﴾ ولم يقل أيكم أحسن عمارة للدنيا وأكثر حبا وذخرا وجمعا لها، ثم بكى وقال: صدق الله عز اسمه فيما يقول ﴿(وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون)﴾ ولم يقل وما خلقت الجن والإنس إلا ليعمروا الدنيا ويجمعوا الأموال ويبنون الدور ويشيدون القصور ويتلذذون ويتفكهون، ويجعل يومه أجمع يردد ذلك ويقول ﴿(فبهداهم اقتده)﴾ ﴿(وما أمروا إلا ليعبدوا الله مخلصين له الدين حنفاء ويقيموا الصلاة ويؤتوا الزكاة وذلك دين القيمة)﴾. وسمعته يقول: قد رضينا من أعمالنا بالمعاني، ومن التوبة بالتواني، ومن العيش الباقي بالعيش الفاني.

وكان يقول: إياكم والكبر، إياكم والإعجاب بالأعمال، انظروا إلى من دونكم ولا تنظروا إلى من فوقكم، من ذلل نفسه رفعه مولاه، ومن خضع له أعزه، ومن اتقاه وقاه، ومن أطاعه أنجاه، ومن أقبل إليه أرضاه، ومن توكل عليه كفاه، ومن سأله أعطاه، ومن أقرضه قضاه، ومن شكره جازاه فينبغي للعبد أن يزن نفسه قبل أن يوزن، ويحاسب نفسه قبل أن يحاسب، ويتزين ويتهيأ للعرض على الله العلي الأكبر قال:

وسمعت إبراهيم يقول: اشغلوا قلوبكم بالخوف من الله، وأبدانكم بالدأب في طاعة الله، ووجوهكم بالحياء من الله، وألسنتكم بذكر الله، وغضوا أبصاركم عن محارم الله، فإن الله تعالى أوحى إلى نبيه محمد يا محمد كل ساعة تذكرني فيها فهي لك مذخورة، والساعة التي لا تذكرني فيها فليست لك، هي عليك لا لك. قال:

وسمعت إبراهيم يقول قال وهب بن منبه: قرأت في بعض الكتب أن موسى

<<  <  ج: ص:  >  >>