قلت: خَصْمانِ: صفة لمحذوف، أي: فريقان خصمان، والمراد: فريق المؤمنين، وفريق الكفرة بأقسامه الخمسة. وقيل: اسم يقع على الواحد والاثنين والجماعة، والمراد هنا: الجماعة، بدليل قوله:(اختصموا) بالجمع.
يقول الحق جلّ جلاله: هذانِ خَصْمانِ أي: مختصمان اخْتَصَمُوا أي: فريق المؤمنين والكافرين. وقال ابن عباس رضى الله عنه:(راجع إلى أهل الأديان المذكورة) فالمؤمنون خَصْمٌ، وسائرُ الخمسة خصمٌ، تخاصموا فِي رَبِّهِمْ أي: في شأنه تعالى، أو في دينه، أو في ذاته وصفاته. والكل من شؤونه تعالى، فكل فريق يصحح اعتقاده، ويُبطل اعتقاد خصمه. وقيل: تخاصمت اليهود والمؤمنون فقالت اليهودُ: نحن أحق بالله وأقدمُ منكم كتابًا، ونبيُّنا قبل نبيِّكم. وقال المؤمنون: نحن أحقُّ بالله منكم، آمنا بنبينا ونبيكم، وبما أنزل الله من كتاب، وأنتم تعرفون كتابنا ونبينا، ثم كفرتم به حسدًا «١» . وكان أبو ذر يُقسِمُ أنها نزلَتْ في ستة نفر من قريش، تبارَزوا يوم بَدر حمزةُ وعليٌّ، وعبيدة بن الحارث، مع عتبة، وشيبة ابني ربيعةَ، والوليد «٢»
. وقال علىّ رضى الله عنه:
إني لأوَّلُ من يجثو بين يدَيِ الله يوم القيامة للخصومة «٣»
. هـ.
(١) أخرجه الطبري فى التفسير (١٧/ ١٣٢) عن ابن عباس رضى الله عنه. (٢) أخرجه البخاري فى (المغازي باب قتل أبى جهل) ، وفى (تفسير سورة الحج.، باب هذان خصمان اختصموا فى ربهم) ، ومسلم فى (التفسير، باب فى قوله تعالى: هذانِ خَصْمانِ اخْتَصَمُوا فِي رَبِّهِمْ) . (٣) أخرجه البخاري فى الموضعين السابق ذكرهما، وفى التفسير، عن قيس بن عبادة، عن سيدنا علي- كرّم الله وجهه-.